
يولدُ الإنسانُ بلا وعيّ ولا إدراك، غير عاقل بحالهِ ومآلهِ. ينتقلُ من مرحلةِ الأجنّة إلى مرحلة أخرى أوسع وأرحب، مرحلة الحياة والتطور وظائفيا وجسديا... هذا الإنسان يتأقلم مع المحيط والعالم وينصهر فيه جسدا ووجدانا، يولد جاهلا بطبيعة الحياة، لكنّ إحساسه لا يجهل شخصا يجاوره ويلازمه في الحركات والسكنات وفي يقظته ومنامه.
من أحشائها انطلق؛ يتغذى حليبا، يتغذى حنانا، يطيب له طوقُ الذراعان، بين حضنٍ دافئ أطعمه من جوع وآمنه من خوف. يَسكن هلعُه وتَخمدُ آلامُه إنْ توسّد ثدي صدرٍ وسعه حبا، وسعه رأفة ورحمة...
يولد هذا الإنسان وفي حياته امرأة، فليس ثمة أحد ولد دون أن يحملَ حبّ امرأة، بل عشقها الأبديّ (أبدية الحياة الدنيا)، وحتى الذين ولودوا يتامى يتعلقون بالتي أحسنت رضاعتهم، وأجملتْ تربيتهم، وأسندت لهم العطف والرحمة، وتقدمت بهم لتخرجهم من طريق الضعف إلى...