الوصف
‏إظهار الرسائل ذات التسميات رسائل. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات رسائل. إظهار كافة الرسائل

وفيه أنتِ


   صديقتي، أعرف أني قد أتجاوز معك كل حدود المعقول، أخترق تلك التفاصيل الدقيقة... وحتى التي تكرهين البوح بها من قريب أخترقها... وحاجز الرؤية والحد الفاصل بين الواقع والخيال...
أعرف أنك تعشقين من السماء الزرقة، ومن الأرض الاخضرار، ومن الطيور النوارس وهي تطوف حائمة على شاطئ قريب من مكان لقائنا...
هناك حيث شاركتك متعة الغروب، مبتهجة كنت وأنت تشيرين بإصبعك اللطيف إلى حلقة الشمس فقدت شعاعها... تبدأ في الاختفاء خلف خط البحر... أذكر القهوة والفنجان، والكلام المسهب ونسيم المساء الصيفي، أذكر...
صديقتي، قد أمنح روحي للسّحر المستقر على وجهك المنير،
للعطر المنتشر على جيدك الناعم المغري،
للبعث الذي يعيدني إلى الحياة إن روحي أزفت ساعة رحيلها...
أعرف... أعرف أني قد أهلوس فأقسو يوما، ويصبح كلامي سيفا حادا يقطع، وسهاما مارقة تصيبك،
وصوتي رعدا يفزعك كطفلة ترتعد... تضطرب... تغادر المكان...
لكني يا صديقتي أبقى ما حييت إنسانا يحمل قلبا زرعه القدر هنا...
لا يملك أحد انتزاعه!!، قلبا تتغنى نبضاته باسمك المعتق كخمر طيبة المشرب، سامقة النشوة، دافئة تسري في خلاياي المتعبة...
أحمل قلبا كالذي عُذّب به كل العاشقين عبر التاريخ وما قبل التاريخ، كالذي من أجله صُلبوا...
أحمل قلبا... وفيه أنت! وفي القلب أنت... فيه أنت... بلا نزاع.


رشيد أمديون

رسالة غرام (1)


.. وكنتُ أعالج صمتكِ العتيق بلون الصبر القاتم، وبعض رتوش التفاؤل الزاهية. سعيدا كنت أمنّي النفسَ بخدعة صدّقتها زمن غفلتي، وأطربني نغمها المزيف..!. لم أكن أشكّ أبدا أنكِ تعلَمين أن انبعاث الهوى في صدري كانبعاث دولة بعد الثورة، فأنا موقن أنك تدركين جيدا، أن نزق الثورة شديدٌ وصعب المراس، واهتزازها أشد، لأنها انتفاضة وتبديل وتغيير. فَحين أغيّر كل تفاصيل مملكتي وأستغني عن عاداتي، وأمتنعُ عن شرب قهوتي المسائية ذات الطعم الساحر، وعن السهر، وعن أمور أخرى.. لا لشيء إلا لأنك تكرهين ذلك، وحين أستبدل أماكن حضوري، وتميل النفس إلى العزلة والانزواء، فهذا يعني أنه انقلاب في نظامي، وصيرورة.. فتوخي الحذر أن أكون ضحية غرامك، أن أسقط في قاع ديكتاتوريتك. 
 وحدها أنت تلك الأنثى التي نجحت في جعل حروفي الساكنة متحركة، وجملي المبعثرة نصوصا بليغة، لا أحد غيرك يملك تلك القدرة، ومن غيرك يستطيع توطئة جبالي العالية من غيرك، من؟...
هل تعلمين أن الأرض تتغير مع كل فصل؟
فكوني كل الفصول حتى تكوني بحجم رؤيتي، فأنا لا أؤمن بحب من طرف واحد. فهببيني ضياء الأماني كي أتبعك، أوقدي شمعة الطمأنينة في ظلمة سأمي إن عجزتِ عن اشعال مصباح. فالثقة لابد لها من علامات تدل عليها، وما كانت يوما صراخا في تصريحات...
لا يستقيم عشقي إن وجد حاجزا وصدودا. ولا ينعم قلبي إن تنكرت له عشيقته الأطلسية، أو لفظتني معه أرضُ الحب، وكيفما كانت هذه الأرض، قفرا أو جنة، عسلا أو علقما، فهي من علمتني أبجديات الهوى، وعمّدتني في ماء قداستها يوم أن ولدت. فابحثي تجدي كيف أخلصت لك الهوى، وما أخلصتِ؟...
هأنت، صامتة تنعمين باحتراقي، تلعبين لعبة اللامبالاة الحقيرة، وكأن لوعة الحب لا تعنيك في شيء... فأناديك بصوتي المبحوح، تبتسمين بازدراء، مولية وجهك عني كمن لا يستحق نظرتك..
فلا تلوميني يا بلادي إن غنيت خارج السرب يوما من الأيام، فأنت من بدأت الصدود...
رشيد أمديون

رسالة إليه: تذكر

   أمازلت يا مسكين تعشق دور قائد الفرقة ومصرا أن تمسك العصا القصيرة وتعبث بها في الهواء ذات اليمين وذات الشمال لتوزع الأنغام بنظام، وأن يصفق لك الجمهور على عملك الجبار وترتج زوايا المسرح بالهتاف، فتبادل جمهورك بانحناءة كتحية تقدير. فإن مازلت كذلك، فجرب أن تقف وحدك بلا فرقة ولا آلات واعزف حينها وسنرى هل سيُحتفى بك؟ هل سيصيبك الهتاف بالغرور، أم ستُمْطَر بوابل من الكلام، تــفر من سماعه الأذان وتستنكره الأفهام.
كل الأشياء في الحياة تقوم على السند، كحلقات السلسلة الطويلة بعضها يشد بعضا، كل شيء يقوم على التلاقي والتكامل. أنظر إلى الزهرة المتغنجة على ساقها حين يلامسها نسيم الصباح وتـغتر بجمالها، أو حين تتألق هامتها وتتفـتح، وتكثر عليها قبلات النحل والفراشات، وغزل اليعسوب العاشق لرحيقها... فهذه الزهرة كذلك لم تطور ذاتها من تلقاء نفسها، فالتربة والماء والهواء والسماء والشمس والزمن.. كلها عناصر كونتها، ومنحتها النمو، ساعدتها على الحياة وعلى انبجاس جمالها، لتضيف لونا مختلفا إلى الطبيعة، ولتقطفها أنت يوما وتهديها للحبيبة.

   تذكر يا صاح أن من ظن أن يدا وحدة قد تعمل منفردة أو قد تصفق وحدها، فهو واهم وربما يعيش عقيدة تأليه نفسه، أو مازال جبروته يخدعه. الأرض تحتاج إلى السماء وإلى الشمس وإلى الهواء...الرجل يحتاج إلى المرأة والمرأة إلى الرجل، لا انفراد في الحياة لا لإدعاء الكمال!، الكل مسخر للكل. فلا تتوهم أن الشمس إن أنارت نصف هذه الأرض المستديرة فذاك النصف فقط من له وجود. ذاك هراء؛ فما خفي عنك فهو يتمخض ويتمخض ليعلن الظهور، لتبرز ثمرة العمل سواء بَلَغته العين مشاهدة، وأدركته الأنظار رؤية، أم لم تبلغه ولم تدركه. ليس كل ما نشاهده نُعيره نظرة عميقة، هناك نظرات نطلقها بسذاجة وسطحية لا تتجاوز الألوان والشكل، ولا تنفذ إلى العمق حيث توجد الحقيقة منكشفة وجلية. قلت لك يوما يا صاحبي: أن نظرة الروح أوضح من نظرة العين المجردة، « فكشفنا عنك غطاءك  فبصرك اليوم حديد»، هذا القالب كالغطاء، قد يمنعنا من رؤية الحقائق كما هي، قد يقف عائقا في بلوغ الإدراك التام، وهذا لم يبرر يوما عدم وجود الأشياء التي تعمل في صمت، وخلف مجال رؤيتنا.

يا صديقي هناك خلايا داخل أجسادنا تعمل دون فتور تبني جسدا بشريا ولم تنتظر من أحد يوما أن يتوجها بالزعامة حتى تكشفها الأضواء، أو تكتب عنها الأخبار؛ فهل شاهدتها؟ يلزمك لذلك مجهرا دقيقا، لكنها موجودة وحية.. ليتك مثلها، وبها تعتبر.

   لن تدوم لك الزعامة فلا تفرط في حبها واقتصد في همها، فبقدر حبك لشيء يكون هلاكك في حال الإننزاع. وأنت بدون الغير لن تكون إلا اسما فارغا، وإطارا بلا مضمون، صوتا بدون فعل، وكم من يد خلف الستار دائبة العمل ولا تطلب بتملقٍ أن تكشفها الأضواء، ولا أن يُصنع لها تمثال وهمي من الأحجار ليخلد أثر فِعالها في الحياة. تذكر يا صاح، تذكر..!

أبو حسام الدين

رسالة إليك


بنظرة عابسة باسرة، تُمجد طاغوت العناد؛ بحكم جائر انطلق منك لا يُسمعكَ إلا صوت نفسك العتية، ويستجيب لموج عاطفة هائجة تأخذ الأخضر واليابس..؛ آلا متى تصحو يا صاح؟
ألم تكفك كل الإشارات التي زرعتها لك على الطريق لترى المسار أوضح من الشمس في يوم صحو؟
لقد قلَبتَ عاصمتي وحولت تفاصيل وقتي إلى مسامير صغيرة حادة أمشي عليها حافيا، جردتني من التعقل فأبيت إلا أن أكون.. وصبّرت نفسي علك تلبس رداء العاقلين، وتلتحف تؤدة العارفين. فكان أن جردتني من ردائي وأزحت شمسي عن نهاري..!، بقيتَ فريدا ترفل عاطفتك مبهِما تفاصيل شعورك، مغيبا الحكمة في سلوكك، مُخفيا أرض الثبات عن وجهي، غارقا في سبُحَات أوهامك تتلو وِردك، سادرا في خطوك...


يا صاح: ليست كل نظراتك معيار ثبوت، فلا تدفع عنك من لم يعتنق عقيدتك، أو خالف مذهبك، لا تنشد في لحنك مقام المروق، وسيفك ضعه واكسر نصله فالصواب ليس في قذفي مادمت أويت إلى جبل يعصمني من طوفانك؛ فتمهل ولا تتهمني..! لا تقطع حبل الوصل ولا تهدم صرح الوداد، فما بني على أساس يحز في نفسي أن يكون معولك له هادم، أو ريح غضبك الهائج له ناسف؛ واحفظ في ضميرك قولي فأنا اليوم لك وبينك، وغدا قد أكون ذكرى في خيالك. 


يا صاح: الحياة تسع الجميع، فارحم نفسك؛ واطعم نِعمَ الحاضر؛ ومن ذاق قلبه لحن الصفا فلا يكَدّره بخمج الأغيار. وليست هي الحياة من تضيق بل نفوسنا بكل عابر تضيق.

22-01-2012 
أبو حسام الدين

رسالة إليه

حين ضاقت عليه الأرض بما رحبت، تذكر ماضيه وعقد حاجبيه، وسمع صوتَ داخله:
كم مضى في حياتك من محطات؟ ألم تستوعب الدروس؟
أنت بين المطرقة والسندان تذوق كل الآلام، فإن برد لهيبك أغمدك الحداد في النار، وأنت كاتم الصراخ، فمتى تعلن صيحتك؟
وهذي الأرض الرحبة لم تعد تسعك بكآبتك، بل السموات..! فمن يمسح دمعتك حين تسيل والوحدة أخذت منك مأخذها... ربما لم تعد دمعاتك تنزل فقد جفت مآقيها كما تجف الأنهار حين يغلبها القحط ويعلن الجفاف تمرده...
كم من الكآبة تكفيك حتى تعلن التوبة وتتبرأ من مذهبك وعقيدة الشؤم.. أو تعود لك بشاشتك التي لم تترك أطلالا ولا بقايا على محياك كأنك ولدت مكفهر الوجه عبوسا.
لا أخالك إلا فاقدا لكل أحاسيس الفرحة، وكأنك وأدتها قبل أن تُفصح.. أو قدمتها قربانا لآلهة هواك لترضي غرور كهنوتك، فعشت غارقا في مستنقع الهموم تحف طريقك الوساوس والظنون...
ماذا حدث لك يا رجلا نفدت البسمات من فمه، وسكنته شياطين التعاسة وعجزت كل العلوم وتعاويذ الفقهاء عن شفائه... وأغلق الأبواب دون السعادة وشاهد أخر احتراق لأخر شمعة.
قم يا رجل اطلب الرحمة ممن ترجى رحمته.

أبو حسام الدين

Join me on Facebook Follow me on Twitter Email me Email me Email me Email me

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة