الوصف

رشيديات


1

ويزجُّ بي في بَوتَــقةِ المَعنى فلا يَنتشلني..

هذا الذي مرَّ بخاطري ذاتَ غفلة

وكلَّما انصهرتُ أعادَ تَشكِيلي.


2


الشاعرُ، ليس بألفِ مُعجب

الشاعرُ، يُولَدُ من حرفٍ مُتعَب

كالمارقِ من مَخاضٍ عَسير

كالمُدْلِج على الشَّوكِ،

على الجمْرِ

ولا يُوقفُ المَسِير.


3


الكلامُ غادَرَ مرافِئ الفَم

وأضحى أسيرَ زوابع الفِتنِ

تَنادوا: أنْ أنقذوا المعاني

فكل الحروف غدت

كحمَّالة المِحنِ


 رشيد أمديون. أبو حسام الدين

كرامة الوطن


سامي الوطني، شابٌ تعرفتُ عليهِ عن طريق شلَّة من أصدقاء الأنس. لم تكن لي به علاقة قوية في بادئ الأمر. أما قبل، فكنت أسمع عنه أحاديثا على لسان أصدقائه، تصل إلى حد السخرية. إذ أنه كان شابا سريع الحركة والانفعال، له فلسفة خاصة في الحياة تلبسها بعض الغرابة...
بعدها صرت ألتقيه كثيرًا في موعد جلستنا اليومية في مقهى المدينة. وغالب الظن -وهذا ما استنتجته- أن لقب الوطني أسندهُ إليه أصدقاؤه وزملاؤه في الجامعة حين بدأ يتفلسف عليهم بكلام يعتبرونه من الوهم المبالغ فيه، إذ أنه يربط كل ما يحدث له بالوطن، وحب الوطن، صغيرا كان أو كبيرا، عظيما أو حقيرًا.
تراه حين يلعب المنتخب الوطني مباراة ضد فريق أجنبي يهرول إلى المقهى ليحجز أول كرسي في الأمام، قبالة التلفاز قبل بدء المباراة بساعة. ويكون أول الصارخين حين ينهزم فريقه الوطني:
- كرامة الوطن تمرّغ في التراب.
وحين كان يعمل في إحدى شركات السياحة بمراكش، كان متفانيا في عمله، متوددًا إلى السياح الأجانب، يبذل مجهودًا أكبر مما يُطلب منه، حتى قيل له إن أمثالك يا سامي قد انقرضوا منذ زمن بعيد. فلا يرد إلا بقوله:
- مسألة كرامة، كرامة الوطن.
وأشد ما كان يصيبه بهستريا من الغضب حين يجد أحدًا من باعة الأثاث القديم يستغل شغف السياح بالقطع التراثية ليرفع ثمنها أضعافا مضاعفة، وذاك ما يجعله يصيح أيضا بدون شعور:
- أوغاد، يمرغون كرامة الوطن في الوحل..

بعدما ترك عمله في السياحة. ظل سامي عاطلا لزمن، وخلال هذه الفترة تعرف على فتاة بريطانية تدعى كاثرين. تعرف عليها من خلال الدردشة في إحدى مواقع التواصل الالكتروني، استطاع وقتئذ أن يجعلها تتعلق به. كل أصدقائه ورفاق صباه يعلمون أن سامي الوطني لم تكن له من قبل علاقة -كيفما كانت- بفتاة. ماضيه كان أبيض من الحليب. لهذا فقد استغربوا أن يفاجئهم ذات جلسةٍ أنه تعرف على كاثرين، ومنهم من لم يصدقه واعتبر كلامه من ضمن الأوهام التي ما فتئ يرددها. لكن سامي الوطني كان جادًا وهو يردد:
-أنا لا أكذب. تلك مسألة كرامة الوطن، فحين يكذب المواطن فهو يمرغ أنف الوطن الذي ينتمي إليه في التراب.
رغم ذلك لم يصدقوه.
أراد يوما أن يثبت لهم صدق ما يقول، فأخبرهم أن حبيبته البريطانية ستزوره في الشهر المقبل وسينعم بجوارها، وسيطوفان المدن ويستمتعان بوقتهما. وعلى حسابها! أكيد على حسابها.
كم سخروا منه يومها، بل فاضت عيونهم بالدمع ضحكًا كلما تصوروا سامي الوطني بنظارتيه الواسعتين، وجسده النحيل، ممسكا يد كاثرين الناعمة ويتجولان.

اختفى سامي مدة من الزمن، ولم يعد يظهر كما عادته، إلى أن علم كل الأصدقاء أن حبيبته البريطانية قد نزلت بأرض الوطن، وسامي يرافقها كل يوم لتتعرف على المغرب ومآثره وطبيعته.
عاد سامي بعدها ليجلس مع رفاقه، حزينا مهموما، لا يكثر الحديث.
- ما بك يا سامي الوطني؟ هل سافرت البريطانية؟
- لا لم تسافر بعد...
- هل تخاصمتما؟
- لا، ليس ذلك
- ما بك إذن؟
ظل سامي صامتا لأيام، وتأكد لنا جميعا أنه يواري شيئا ما، لم يستطع أن يبوح به، أحسسنا أنه يحمل في صدره هما ثقيلا، وملامحه لا تخفي أثر قلقه.
وخرج من صمته أخيرًا وبعد صبر طويل وإلحاحنا على معرفة سبب وجومه، لكنه لم يخبرنا، بل أسرَّ لأحد أصدقائنا المقربين إليه أكثر. والسر تجاوز الثلاثة...
فعلمنا أنه أصيب ببرود جنسي، وأنه حاول مرارا ولم يفلح، لدرجة أنه خجل من عشيقته البريطانية، رغم أنها تقبلت الأمر ببساطة، لكنه لم يهنأ.
نصحه صديقه ليواسيه. ربما يكون ذلك مؤقتا، أو راجع لحالتك النفسية وتوترك، خاصة لم يسبق أن كانت لك علاقة كهذه.
ظل سامي الوطني مهموما. كثر تفكيره، والبريطانية أوشك أن يحل موعد مغادرتها المغرب.
سامي الآن يركض بين الصيدلية، وبين بائعي الأعشاب التقليدية.. ويفكر أن يزور "مولاي ابراهيم" (أحد الأضرحة) لعل عقدته تنحل.
صديقه ينصحه أن لا يستعجل، فحتى هذا سبب من الأسباب في مشكلته، وليزر طبيبا أفضل له.
سامي الوطني يصر على أن يجد حلا عاجلا قبل أن تغادر كاثرين وطنه: ماذا ستقول كاثرين، والبريطانيات عن فحولة سامي؟!
هي مسألة كرامة. يضم حاجبيه عابسا، ويصيح في وجه صديقه:
- أتريدني أن أمرغ أنف الوطن في التراب؟.

رشيد أمديون

مُشاهدة


انتعشَ سُؤالُهُ بِرَشفَةٍ من نَبيذِ جَــوابهَا

فنامَ بينهُمَا الكَلامُ حِينًا 

تُهدهِدُهُ شهوةُ النظراتِ السّابحة

بين أمواج العيون الماتعة

سِرٌ من الروح له تجلى

فدعوا العاشق يتَّحد بمن رأى،

فما زاغ بصرُهُ وما طغى.


Join me on Facebook Follow me on Twitter Email me Email me Email me Email me

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة