الوصف

البياض والسواد


زمن الأسطورة انتهى.
أنا لست ابن الأحلام...

هذا الذي قد يراود مخيلتك أو يشغل بالك والتفكر، لا أملكه. 
أنا من أولئك الذين لا يأتون في الأحلام... 
أنا من الواقع المحض، الواقع المرّ الذي لا تزول مرارته برش ماء السّكر. 
أنا ابن هذا البلد!! 
لعقت العلقم من ذات الصّحن، وجُلِدت لأكون... 
نحن قوم لا تثبت هويتنا إن لم نجلد 
فإياك أن تتصوري أني يوما بردائي الأبيض سأركب فرسا أبيض، أو أني سأمر تحت شرفتك لأشاهد تحية المنديل الأبيض وهو ينثر عبقك المدلل في الهواء... 
تلك طقوس بعيدة عني كالقمر في السماء، ممتعة، ولكن... 
حاولت أن أمارسها فسجنني الواقع، بل نفّذ في حقي حكم النفي. 
أنا لست ابن الأحلام... لأنني أخشى إن نسبت نفسي يوما لها أن يضعوني في خانة الممنوعين، أو أن أكون حلما مزعجا يقظ مضجعك فتنكرينني قبل الفرار. 
دعكِ من الأحلام الآن، وفكري فيّ كما أنا، بقميصي الذي ذهبت الشمس بلونه، بسحنتي السمراء، بشعري الذي لم تمر فيه أسنان المشط منذ زمن لا أذكره، وبحذائي الذي بهت سواده، وأوشك أسفله على التلاشي من كثرة المشي والبحث... وجيوبي الفارغة إلا من تبغ رخيص، وأوراق أحسبها تحمل هُويّتي واسمي... 
أتراك تقبليني كما أنا بصورتي السوداء هذه، ذات الفجيعة السوداء؟ 
ألم أقل لك أني في الأحلام سأكون كابوسا أسودا... 
فدعكِ من الأحلام، فأنا لست فارسا ولا حتى أجيد ركوب الخيل.



بقلم: رشبد أمديون       /    النص منشور كذلك على مجلة المحلاج للقصة القصيرة.

عزف منفلت على نون النسوة

عروج نحو التجلي

♦♦♦ ♦♦♦ ♦♦♦

زمن قصير


♦♦♦ ♦♦♦ ♦♦♦

لك ولي


لك الحسنُ، من وجهكِ أمطر 

ولي وغز العتاب 

لك الوسن يغري مقلتيك 

ولي هجمة السهاد 

لك الصفاء والصّحو أقبلا، 

ولي السماء غيم وضباب 

لك الزمان يلين وينقاد 

ولي العصيان مدّ يد العناد 

لك العشق بجانبك جنات، 

ولي نيران يحرسها العذاب 

♦♦♦ ♦♦♦ ♦♦♦

هكذا أنت


رضابُكِ شهدٌ يُشتهى

عيناكِ صَمتُ ليلٍ 

وقف العاشقُ عندها

نظراتكِ سيّاطٌ

تجلد للقلوب ظهرها

وجهك قمرُ

أمسيةٍ كنتِ خمرَها


♦♦♦ ♦♦♦ ♦♦♦

قبلة

لا تطبعيها على عجل، 

فالتّأني من طبعِ القبل

واسكبي دفأها،

على جبين 

أهديهِ على مهل.

خطبة الإمام في بلاد الأمام والسلام


حدثني السّاري ذات ليلة عن خطبة جمعة حضرها في بلاد الأمَام والسلام مع الدوام وحسن الختام. استنفدنا معها زادنا من الضحك، وما أبقى لنا نفسا نرده بعد كل قهقهة عالية. قال السّاري بعد أن أطلق للقول العنان، ولهجت أنفاسه، فاستحضرنا المسامع للإنصات، فحرك اللسانَ بين الأسنان، فقال: حدَث أن حضرتُ خطبة قال فيها الخطيب:

الخطبة الأولى
باسم والي النعم، ومالك الحكم، وباعث الهمم. هو اليد العليا والسؤدد. والقمر في السماء وفي الأرض به يُعتدّ. المقدس العالي المقام، الماحي للظّلم والظلام، المانح للنور والعدل والسّلام.
معشر المسلمين في بلاد الأمام والسلام...
إن من لم يشكر النّعم ما شكر الله حقّ شكره، ولا قدّر الخالق حقّ قدره، ولا نزلت عليه السّكينة في علانيتهِ وسرّه. وإنّ من النّعم أن نمجّد من يَحقّ له التّمجيد، ونسبّح باسم من يحقّ له (التّجميد)، عفواً - التمجيد، وله (نكرع) عفوا...نركع بالغدو والاصال أو في كل مرسم واحتفال، لمن قلّده الله أمر عباده، ووهبه الحكمة وفصل الخطاب، والرد وحسن الجواب، وأفاض عليه من الأنوار والفتوحات ، والعلم مع الأسرار والكشوفات... فهل من كان فيهم عالي المقام، يشكو بعضهم من حرّ أو قرّ؟ وهل من كان فيهم سيأتيهم النّفع أم سيأتيهم الضر. أخرج (الكارتي) في (بلوغ المرام في كيفية الخضوع والسلام)، قال: (حدثنا الملاّق بن حرّاق ونحن جلوس عنده، عن السرّاق أنه قال: ما بلغ، ما بلغ. قلنا ماذا يا سرّاق، قال: ما بلغ العلى من لم يُقبّل يد السّلطان ثلاثا. قلنا على ظهرها أم على بطنها؟. قال: مرتان على الظّهر وواحدة على البطن، ومن زاد فله الفضل).
معشر المسلمين في بلاد الأمام والسلام. بلوغ مراتب الإحسان، من مقتضياته الواجبة التي اعتبرها أهل الطريقة من الأركان، إتباع طريق الصناديد الكرام، من أهل الكشف والمرام، ممن جاهدوا نفوسهم والشيطان وكذا التماسيح والعفاريت اللّئام، ومن تشكّل على شاكلتهم، ولبس خرقتهم. أولئك هم من قاوموا الطغيان، وهم الذين بلغوا درجة الولاية والصلاح، ونبذوا الزيف وعانقوا الوضوح، وشيدوا الصروح هنا وهناك حتى حسبنا أنفسنا في باريس تحت (تور ايفل). وحجبوا المواقع الالكترونية المارقة، وقطعوا الألسن الطويلة الناعقة، التي هي عن ورد الأذكار غافلة لاهية، إنها ستصلى نارا حامية، وقودها كل ناهق وناعق، وساحر بالكلام ومارق، وجاحد لفضيلة مولانا السلطان وفاسق.
روى (الحلايقي)، أنه سمع في المنام صوتا يقول: (سترى الأقلامُ المارقة شعلة من نار. من السماء تنزل لتحرقها حتى تصير رماداً، ثم تأتي ريحٌ من جهة البحر تذرو رمادها. فالْجم لسانك يا (حلايقي) وأمر أهلك وعشيرتك بذلك، وإياك ثم إياك وإخراجه إلى النور والهواء) أخرجه (الكامبو) في (طبقات المغفلين الواصلين).
أقول قولي هذا وأستعيذ من نهيق ناهق، ومن غضب غاضب ومن حسد حاسد.

الخطبة الثانية
معشر المسلمين في بلاد الأمام والسلام مع الدوام وحسن الختام. باسم السلطان (الرجيم)، عفوا.. الرحيم، ادعوكم إلى التمسك بيده، والاعتصام بحبله الممدود، وعوّدوا ألسنتكم على أوراده، ففيها الشفاء والعافية، وفيها النجاة من الهاوية، فهي تقي من سحر من خالف المعروف، ومن سخونة الرأس المعلوف، ومن بجلده حكّة الحقوق، التي تؤرق بالليل والنهار، حين تنزل عليها عصا الصروف.
وقد أخرج النوّام في (مجلس البرلمان) في باب: شعب الإيمان بالسلطان: (أن أوراد السلطان هي النّاجية. وحين سئل عن معنى النّاجية قال: أنها الناقة السريعة المحمّلة بالأوراد والأذكار وصكوك الولاية ومنشوراتها، وتعود حاملة بالفضل والخير والرضا.

فاللهم ثبت أقدام مولانا السلطان، وأعز بفضلك من إليه تقرب، وأهلك من منه يتهرب، وأنصر من على طريقته يتقرب، واهلك من خالفه ممن تحزب، ولا تجعل في سيره تعثرا، ولا عن شماله ولا يمينه توثرا. وخذ أنوارنا وأضف له الأنوار، وأعزه أينما كان.


تنويه: كل ما جاء في الخطبة هو من وحي الخيال، وأي تشابه فهو غير مقصود.
كتبت يوم: 07/12/2012

Join me on Facebook Follow me on Twitter Email me Email me Email me Email me

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة