- الرباط، الدار البيضاء... طنجة، تطوان..
يغادر مسرعا، هاربا من ضجيج المكان المتعب، وقد أشعره بدوار. شيء واحد ظل ملازما مخيلته، بل إنه صوت زاعق لا يملك القدرة على الانفكاك منه ولا الهرب مهما فعل. ضجة أحاديث زوجته العالية التي تشبه الصاعقة، تهز مخيلته التائهة في دروب هذه المدينة التي حلّ بها اليوم...
- أين أنت ذاهب يا رجل؟
سألته ويديها فوق خصرها.
قابلها بصمت عنيد. لم ينظر نحوها وهو يجمع أغراضه في حقيبته الصغيرة.
- سأرحل عنك يا وجه الغراب.
قالها في نفسه وغادر.
كان حر الظهيرة يلفح جبينه ومقدمة رأسه الأصلع، فما كاد يصل إلى سيارات الأجرة حتى تصبب وجهه عرقا.
اندس بجانب أحد الركاب دون أن يكلمه، أحس ببعض العيون ذات نظرات استنكار تتجه نحوه.
انطلقت السيارة المهترئة يتعالى أزيز محركها كلما داس السائق على مكبسها.
بدا على الرجل الذي بجواره أنه يريد الحديث، ويتحين الفرصة...
فتكلم عن أوضاع الفلاح ومشاكله، وقلة المحصول لقلة الأمطار، والماشية والعلف..
ظل ينصت له ويحرك رأسه إلى أن تعب فأدار وجهه عنه، وتجاهل ثرثرته، مستمتعا من خلال زجاج النافدة بحقول السنابل.
كان سائق السيارة ذو الشارب الكث في نشوة غامرة، يدندن على إيقاع أغنية شعبية، منبعثة من مسجل صوت قديم، متسخ..
- (اعطيني الفيزا والباصبور..)
تزداد سرعة المركبة تدريجيا على طريق تآكلت طبقة الإسفلت من حافتيه.
يد السائق تعبث بزر المسجل البائس. يعلو صوت الأغنية أكثر، كلما ارتفع ضجيج المحرك.
طلب منه أن يخفض صوت ذلك الشيء المزعج.. قالها آمرا.
قابل السائق طلبه بصمت عنيد، ودون اكتراث استرسل في دندناته:
- (من كازا لمارساي...)
كرر الطلب بغيض وفظاظة، ونكزه من الخلف بأصابعه الحادة.
بادره السائق بردة فعل عنيفة حين التفت إليه، فاستدار المقود. تعرجت السيارة وفقد السيطرة عليها لتحصد السنابل وسط الحقول على أنغام أغنية شعبية.
أبو حسام الدين
34 تعليقك حافز مهم على الإستمرار:
لم يجبها عن عناد ولم يجبها أيضا لانه كان داهب لقدره المحتوم فلحظة غضب كفيلة بأن توحلنا الى العالم الآخر في لحظة
اسلوب سلس جميل وتسلسل للأحذات اعطى للنص جمالية خاصة كما عودتنا دوما استاذي
بوركت اخي رشيد
استمتعت بقراءة القصة.
ومن.. سخط فله اليخط، هو من اختار
مصاحبة الغضب والسخط.
تحياتي وتقديري
صعب أن نجد أمامنا ما هربنا تاركين إياه خلفنا ....
تحياتي لك أستاذي
احيانا كثيرة تعاندنا اقدارنا ولا ندرى اين الخلاص من الهموم والاحزان ولن ندرك ان مانحن فيه احيانا يكون افضل كثيرا مما سنواجهه بعد قليل بحياتنا..
هى فترات ولحظات تمر على الانسان نشعر فيها بالضيق ثم يأتى الفرج حاملا اجمل ما فى الفرح والسعادة من معانى لكن كل ما نحتاجه فرصة ومهلة من الوقت حتى لا نحصد بارواحنا السنابل
تحياتى لك استاذى ولا تغيب كثيرا عن مدونتك وهمساتك الرائعة
دمت بحير
هي مشاكل بسيطة او معقدة تنتهي بعواقب وخيمة بفعل العناد و غياب الحوا داخل اسرنا للاسف الشديد
بورك فيك سي رشيد
بسم الله وبعد
إستمتعت بقصتك الجميلة
تحياتي واحترامي وتقديري لك ولقلمك المعطاء
أخوك في الله \ مازن الرنتيسي - أبو مجاهد
دائما الصمت يحمل الكثير من الحديث الصارخ في داخل الانسان وخاصة النفس المتعبة
وذلك الصمت يحمل هموما كبيرة ..
حتى سائق سيارة الأجرة رغم دندنته الإستفزازية الا انه يحمل خلفها صمت عنيد ثار لمجرد نكزة اصبع ...
قصة دقيقة للغاية في احداثها لدرجة ان رأيت المشهد بالكامل أمامي واستفزتني بالفعل بعض الأحداث
مبدع استاذ رشيد
الاجواء المكهربة داخل الاسر واللامبالاة أثناء السياقة كفيلان لرسم نهايات مؤلمة كالتي رسمتها لنا اليوم
اسلوب جميل ووصف متقن
بارك الله فيك أخي
تحياتي لك أيها المبدع
ضوضاء عارمة يقابلها صمت عنيد
النتيجة كارثة
فردا على ثرثرة زوجته تركها وتحدى ثرثرتها بصمته
وتحدى ثررة الجالس إلى جواره بصمته
وردا على صوت المذياع احتج
ورداً على احتجاجه رد السائق بصمت اعند
وكانت النتيجة كارثة..!!
أخي رشيد
قصة رمزية بليغة الألفاظ والمعاني
عميقة الفكرة
تحيتي لقلمك المعطاء
القصة بديعة جدا
طريقة سردك في منتهى الروعة و النهاية في منتهى الابداع
اعجبتني بكل حروفها
كم انت مبدع
الأخ الغالى والعزيز / أبو حسام الدين
وحشتنا جدا جدا جدا
وآسف على الفترة الماضيه لظروف العمل
أشتاق دائما الدخول ها هنا
وأسعد بقؤاءة ما تخطه أناملك
تحياتى لروحك الطيبه
خالص مودتى
تامر
دوما تأتي المصائب من وراء الأغاني الشعبية ههههه
تحية تقدير مرة أخرى لأسلوب الوصف المميز الذي تكتب به يا عراب
كنت هنا
سلاموووووو
@ليلى
أهلا بك أختي ليلى.
مشاركتك لي في أي إدراج يزيدني فخرا.
شكرا لك
@عبدالعاطي طبطوب
أهلا بك أخي عبد العاطي
غضب وسخط يؤديان إلى الهلاك
تحيتي لك أيها الطيب
@حنان
نعم أختي حنان
هروب من قدر إلى قدر
شكرا لك يا زهرة الثلج
@ليلى الصباحى.. lolocat
أهلا بك أختي ليلى
أشكرك على القراءة في هذا الادراج المتواضع.
وإن شاء الله لن أغيب كثيرا عن الهمسات.
تحيتي وتقديري
@ذ محمد أبو عز الدين
صدقت أستاذ محمد. غياب الحوار.
كما أن الحوار يحتاج لطرفين لهما قابلية..
شكرا لك، وبارك الله فيك.
@مازن الرنتيسي - أبو مجاهد
بارك الله فيك أخي مازن
وسعيد بمتابعتك الدائمة..
@هيفاء عبده
ركزت على نقطة مهمة جدا، وقد استشففت بعض ما وراء القصة..
شكرا لك سيدة هيفاء وبارك الله فيك.
@زينة زيدان
نعم أخت زينة هي مراحل صمت تتابعت في القصة بداية مع زوجته ونهاية بموقفه مع السائق.
بين هذه المراحل هناك قراءات..
شكرا لك وبارك الله فيك
@مصطفى سيف الدين
أشكرك صديقي مصطفى
فلا يخفى عني ذوقك الرفيع
تحيتي لك
@Days and Nights
أهلا بك أخي الطيب
وأنا نفسي أبادلك نفس الاحساس، فقد لامست غيابك. فأهلا بك من جديد.
شكرا لك وبوركت :)
@مغربية
شكرا لك أختي مغربية
تحية لك
ما اجده فيك مميّزا هو حبكتك القصصيّة و سيطرتك على وقع احداث القصّة و توظيف الكلمات الدّالة لخدمة الهدف الذي تصبو اليه .
شكرا على هذه الورقة من عميق واقعنا المعاش .
صاحب الزمن الجميل
اسلوب رائع ومتميز ارى فيه قدره كبيره على تفاعلنا مع الاحداث فها هى لحظه الغضب التى يمكن ان تكون نقله فى حياتنا
تحياتى ابوداود
@منجي باكير
أشكرك أخي منجي على رأيك الذي أعتز به في قصة المتواضعة.
حياك الله
@الاحلام
أخي الكريم بارك الله فيك.
اشكرك على تعليقك الطيب.
بسم الله وبعد
مررت من هنا هذا اليوم وأحببت أن أوثق هذا المرور
أحييك بحرارة أخي في الله
السلام عليكم
رائعه جداً ... يعجبني أسلوبك كثيراً في القصة ..
فهي تحمل عدة معان وأشياء .
دمت بحفظ الرحمن .
ذكرتني بكتابات الكاتبة نجاة غفران
جميل في الوصف
@مازن الرنتيسي - أبو مجاهد
بارك الله فيك أخي مازن
شكرا لك
@ولاء
وعليكم السلام
بارك الله فيك أختي ولاء
الشكر لك على رأيك الطيب
@R.Larki
أرحب بك في همسات..
اهلا بك.
أسعدني مروركِ. شـــكرا لكِ.
@أمال
أشكرك أختي أمال
صدقت في كلامك
تحيتي
إرسال تعليق
كلماتكم هنا ماهي إلا إمتداد لما كتب، فلا يمكن الإستغناء عنها.
(التعليقات التي فيها دعاية لشركات أو منتوجات ما تحذف)