الوصف
‏إظهار الرسائل ذات التسميات حديث الروح. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات حديث الروح. إظهار كافة الرسائل

ليلٌ وفجر وجنة


ما اللَّيلُ في عُرفِ العَاشِقين؟
أنسٌ وخَلْوَة.

ما الفَجرُ في خَيالِ الحَالمِين؟
بَشير نَجوَى.

ما الجنَّةُ في إيمَانِ الصَّابرين؟
جزاءٌ ومَأوَى.

15/12/2014

بصيرة الروح

في الموضوع السابق (بالروح لا بالجسد) تناولت مسألة تكريم الله للإنسان على أنه تكريم للروح لا للجسد، وعليه كان واجب الموازنة بين النسب الإلهي والنسب الطيني ضرورة ليكون هذا المخلوق إنسانا عن حق وعبدا لله تشريفا.
يعتبر البدن قالبا وستارا يغطي روح الإنسان التي تُحجب عنها الحقائق مادامت سجينة بدنها، ولكن حين تنطلق في الملكوت الأعلى وتتحرر من قيد بدنها ترى الحقائق جلية وواضحة وترى الحق حقا كما وُعدت به من لدن خالقها، وهذا ما أشارت إليه الآية الكريمة التي توضح مجيء الموت بالحق حيث يقول تعالى: « وجاءت سكرة الموت بالحق» (1) ثم في نفس السياق تأتي الآية الموالية: « لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ» وكما قال الدكتور فريد الأنصاري – رحمه الله- أن البصر في الآية ليس هو بصر العين المجردة بل هو بصر الروح التي سترى الحقيقة بحدة ودقة بعد أن يزيل الله عنها غطاء البدن "ولا أبصر لحقائق الوجود من الإنسان عند احتضاره" (2) بحيث أن البدن وما يوفره من الحس، والذوق، والسمع والبصر...هي وسائط ندرك الحق بها، لكن الروح حين تتحرر وتبصر بذاتها ترى الحقيقة كاملة غير ناقصة. وهذا التحرر قد لا يقتصر فقط على لحظة خروج الروح من جسد الإنسان بل قد يكون كذلك في حياته إن هو سار على درب الهدى وزكى نفسه وغلّب جانبه الروحي على جانبه الترابي الذي هو قيد من قيود الشهوات. وعبّد نفسه لله وحقق معنى الربوبية في سلوكه الإيماني حينها يرى بعين روحه، ويبصر بقلبه الذي يسع الإيمان « فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور»(3). وقد عبر الشيخ المغربي أبي عجيبة الحسني - صاحب إيقاظ الهمم شرح متن الحكم (4) - في بيتين عن هذا المعنى بطريقة موجزة ومعبرة، حيث قال رحمه الله:

قلوب العارفين لها عيون ترى ما لا يرى للناظرين
وأجنحة تطير بغير ريش إلى ملكوت رب العالمين.

الهامش:                                                                                                           بقلم: أبو حسام الدين
1- ق: 19       .       2- د.فريد الأنصاري      .      3- الحج: 46      .      4-  الحكم العطائية لإبن عطاء الله السكندري


بالروح لا بالجسد.

لحظات نقضيها أحيانا تأملا في جوانب من حياتنا العجيبة. نرسل النظر تارة ونفعّل ملكة الفكر تارة أخرى. نحاول أن نتأكد من جدية سلوكنا الروحي وسفرنا الإيماني نحو جنة الإحسان ورياضه، والتأكد من تحقق تلك المفاهيم التي أرساها الخطاب القرآني في أكثر من موضع في كتاب الله (ففروا إلى الله (1)- سارعوا (2)- سابقوا(3) - في ذلك فليتنافس المتنافسون (4)- وأنيبوا(5).. خطاب بصيغة الأمر يحمل بين طياته الترغيب، وله دلالة مهمة تتجسد في مفهوم معين كالحركة والانتقال والسفر... لكنها حركة روحية تكون بالروح والمجاهدة وصدق القلب قبل أن تكون بالجسد الطيني، هي بالقلب لا بالقالب، هي بالذوق والإيمان لا باللمس والرؤية والمشاهدة ولا مجال للعقل البشري في تفسيرها. فهل أحسنا التصرف بأن أقمنا ميزان العدل بين متطلبات الروح ومتطلبات الجسد؟ أم أن نسبنا الطيني طغى وغلب على نسبنا السماوي؟ 
بديهيا أن المخلوق البشري هو مادة –الجسم- وروح وهي شيء لا يحيط بعلمه إلا خالقه ، ومن هذين المكونين ومن تمازجهما صار هذا الإنسان وهو الكائن العاقل أو كما يسمى لدى الفلاسفة حيوان عاقل - وإن كنا سنتحفظ من كلمة حيوان فقد ورد اسمها في وصف دار الدنيا في القرآن الكريم-
لم يكن للإنسان قيمة تذكر من قبل أن ينفخ الخالق فيه الروح. مر عليه حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا(6). وفي حوار الله مع الملائكة أخبرهم سبحانه أنه خلق بشرا من طين فلم يأمرهم بالسجود له إلا بعد أن نفخ في أدم الروح(7). فتكريم الله للإنسان لم يأت لكونه مادة أرضية ترابية ، بل التكريم موجه إلى تلك الروح التي حبانا الله بها، وهي الشيء المشترك بيننا وبين الملائكة ذات الخلق النوراني.
لا اعتبار للمادة الترابية التي ينتسب لها جسد الإنسان، بل الاعتبار يكون للروح التي تسكن ذلك الجسد. لهذا كانت الروح ولا تزال تحن إلى العلو والسمو تحن إلى أصلها الطاهر، لكن عمى البصيرة وغواية الشيطان قد تجعل الإنسان يخلد إلى الأرض ويتّبع هواه. فالتكريم ليس للمادة والهيكل الذي يحوي الروح بل هو للجوهر والمحتوى، وهو نفحة روح الله التي ألقيت في أجسادنا وجعلتنا نتصف ببعض من صفات خالقنا كالقدرة والكلام والسمع والبصر والرحمة.. 
وأستحضر قول الشاعر الحكيم: (8)

يا خادم الجسم كم تشقى بخدمتــــــه  ***  أتطلب الربح فيما فيه خسران 
أقبل على النفس واستكمل فضائلها  ***  فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان

التوازن بين النسبيين مطلب لابد له أن يتحقق في سير المؤمن وسلوكه الروحي حتى لا تطغى نزعات الطين والمادة الأرضية على النسب السماوي الإلهي فيصير الإنسان ممتلئا شرا، غارقا في ظلمات الظلم والضلالة والغفلة وحب الفانيات.


الهامش:                                                                                                             بقلم: أبو حسام الدين


1- الذاريات (50) . 2- آل عمران (133) . 3- الحديد (21) . 4- المطففين (26) . 5- الزمر (54) . 6- الإنسان (1) . 
7- الحجر(29) . ص (72) . 8- من قصيدة طويلة لأبي الفتح علي بن محمد بن الحسين البستي.

مناجاة وتجليات

يا من لا تدركه الأبصار، ولا تحويه الأقطار! إن تجليت كنت نورا في مرآة قلبي! 
وهل لتجلياتك أثر والنفس ملئت بالكدر؟  
مرآة قلبي ملئت بالصدأ من يزيل عنها الصدأ غير ذكرك، وفي ذكرك أنوار الشهود، وإن تكشفت الحجب بان النور وتلألأ ..
قد ينجلي الكدر وتصفو المرآة، وتتزكى النفس وترتقي إلى مقام الصفا، فتسافر على معراجها نحو حضرتك. ولكن كيف لي أن أطيق تجلياتك، كيف أطيقها الأن ولم يطقها الجبل وقد صعق موسى..!(1)
 
يا من له الأشواق روحي فنيت في هواك، أفي الوجود سواك؟ لا وعزتك فأنت الحق.
شوقي لذاك المقام حين يزج بي في الأنوار وأفنى عن كل شيء إلا سواك ...فصفاتك في الوجود ظاهرة وأسمائك الحسنى بارزة لكل ذي عين بصيرة.

يا من لا تدركه الأبصار انتشلني من وحل المادة واغسلني بماء نورك، فأنت نور السموات والأرض ومشكاة القلب تكاد تنطفئ، ألهمها قبسا من نورك... ففي بعدي عنك لا أكون غير طين وتراب، أو كهيكل فارغ من نفحة الروح، وفي قربك تسمو الروح وتعرج، تنجذب نحو حضرتك المقدسة تفارق ظلمة رسمي، و شمس نورك  تعتقني من رق العبودية لغيرك، سبحانك لا معبود سواك.

تجذب الروح الهياكل  للصفا  أعلى المنازل
إن أداروا الراح صرفا   أسكرت عال وسافل.(2)

يا إلهي: انجذابي نحوك إحسان ودنو وتقريب ، وانجذابي للرسمي وجسدي بعد وانحطاط وتغريب.
فيا من لا تدركه الأبصار قلبي يدركك و لم يعد للأغيار فيه مكان.
سبحانك..
أبو حسام الدين

(1)  قال تعالى: ( فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا ). سورة الأعراف آية 143.

(2) البيتين من الثرات الصوفي

حديث الروح للأرواح



حديث الروح للأرواح يسري   وتدركه القلوب بلا عـنــاءِ.
هتفت به فطار بلا جنــــــاحٍ    وشق أنينه صدر الفضــاءِ.
ومعدنه ترابي ولكـــــــــــــن    جرت في لفظه لغة السماءِ.
لقد فاضت دموع العشق مني    حديثًا كان علوي النـــــداءِ.
فحلق في ربا الأفلاك حتــى     أهاج العالم الأعلى بكائـي.  

******** 

شكواي أم نجواي في هذا الدجـى    ونجوم ليلي حُسّــدي أم عـــــــــوّدي.
أمسيت في الماضي أعـيش كأنما    قطع الزمان طريق أمسي عن غدي.
والطير صادحة عـلــــى أفنانـهـا    تبكي الربى بأنينها المتجـــــــــــــــددِ.
قد طال تسهيدي وطال نشيدهـــا    ومدامعي كالطل في الغصن النــــدي. 
فإلى متى صمتي كأني زهــــرةٌ    خرساء لم ترزق براعة منشــــــــــدِ.

*********
قيثارتي ملئت بأنات الجــــــــوى   لابد للمكبوت من فيضـــــــانِ.
صعدت إلى شفتي خواطرمهجتي   ليبين عنها منطقي ولسانـــــي.
أنا ما تعديت القناعة والرضــــا    لكنما هي قصة الأشجــــــــانِ.
يشكو لك اللهم قلب لم يعــــــش     إلا لحمد علاك في الأكــــوانِ.

*********
إذا الإيمان ضاع فلا أمــــــانٌ    ولا دنيا لمن لم يحيي دينا.
ومن يرضى الحياة بغير دينٍ     فقد جعل الفناء لها قرينــا.
وفي التوحيد للهمم اتحـــــــادٌ     ولن تبنوا العلا متفرقيـــنَ. 

**********
ألم يبعث لأمتكم نبــــــــيٌ     يوحدكم على نهج الوئامِ.
ومصحفكم وقبلتكم جميعاً     منار للأخوة والســــــلامِ. 
وفوق الكل رحمن رحيمٌ     إله واحد رب الأنــــــــامِ.


محمد اقبال هو شاعر ومفكر مسلم ولد بسيالكوت إحدى مدن البنجاب الغربية بالهند، في 3 ذي القعدة 1294هـ الموافق ل 9 نوفمبر 1877م وتوفي في تاريخ 21 أبريل 1938م.

أغنية الناي/ جلال الدين الرومي


 أيها العاشق لقد حلّ العشق بروح طور سيناء، فثمل الطور وخر موسى صعقا، أنا لو كنت قرينا للحبيب لكنت كالناي أبوح بما ينبغي البوح به، لكن كل من افترق عن من يتحدثون لغته ظل بلا لسان وإن كان لديه ألف صوت.
والورد عندما مضى أوانه ماتت روضته، فلن تسمع البلبل بعد يروي سيرته، الكل معشوق والعاشق مجرد حجاب والمعشوق حي والعاشق إلى موت، ولو لم يقم العشق برعايته يبقى كطائر بلا جناح، ويل له.

فكيف يكون لي علم بما أمامي وبما ورائي إن لم يكن نور حبيبي أمامي وورائي.
إن العشق يريد أن يصدر مني هذا الشعر، وإن لم تكن المرآة منبئة فماذا تكون؟
أتدري لماذا لا تنبئ مرآتك؟
ذلك لأن الصدأ لم يجلَ عن وجهها، والمرآة التي جُلي عنها الصدأ مليئة بنور شمس الله، فامضي وأمحو الصدأ عن وجهها ثم أدرك بعد ذلك النور، واستمع إلى هذه الحقيقة بأذن القلب حتى تنجو تماما من أدران الجسد، وإن كنت تفهم فاسمح للروح بالطريق، ثم أخطو في الطريق شوقا.



بدايات المثنوي لجلال الدين الرومي
 

لا يستقيم العشق مع العافية أبدا



جاءت رسالة من يحي ابن معاذ شمع الإسلام، إلى الشيخ أبي يزيد البسطامي يقول فيها :
« ماذا يقول شيخ الدين في ذلك الشخص الذي شرب شربة طاهرة ومقدسة، واستولى الخُمارعلى رأسه لمدة ثلاثين عاما ليل نهار.»
فوصله الرد من أبي يزيد: « يوجد هنا رجل شرب كثيرا شرب البحر والأرض والعرش والكرسي دفعة واحدة. فعمّ تسأله؟
وهو الآن يصيح هل من مزيد. وإن كنت لا تعرفه فهو أبو يزيد».

وأنت لماذا لم تتجرع الخمر وأضعته، جئت متيقظا وتذهب ثملا، إنك تبدو مسكينا للغاية فقد ثملت من كأس فارغة والحياة زاخرة، زاخرة بآلاف البحار وكلها مملؤة للخاصة من الأرواح، وحيث يمكن هنا السكر من قطرة واحدة كيف يمكن تجرع البحر بأكمله؟ إن كنت ثملا بعشق مبهج القلب فمُتّـبعا للأمر واحترق، وإلا فسكرك مثل تَمَل المخمورين، وأي شأن للثمْلَى بالسلوك، سر وفق الشريعة إن كنت صاحب مقام فإن ثملت فلن تستطيع الخطو، فكل عاشق لا يسير وفق الشرع وتجتاحه الآلام لا دواء له. ماذا أقول لك؟ يا لك من معاند فأنت في العشق لست رجلا ولا امرأة في هذا المجلس. لا تسعى إلى الموت إلا بقلب محترق له موت الشمع، يسلبك وجودك فلا يستقيم العشق مع العافية أبدا. 



(من كتاب إلهي نامه لفريد الدين العطار)

من هو ؟ 

فريد الدين العطار شاعر صوفي فارسي عاش في القرن الثاني الميلادي، ولد بنسابور في إيران، واختلفوا في تاريخ وفاته ومنهم من قال توفي سنة 589 هـ
من مؤلفاته: ومنطق الطير- بندنامه: كتاب نصيحة- تذكرة الأولياء – الهي نامه – مختارات نامه – خسرو نامه – مصيبت نامه – جواهر نامه
– شرح القلب – اشترنامه – مظهر العجائب. 



أيا من له الأشواق-رابعة العدوية.



  أيا من له الأشواق مني كثيـــرة
 ومني دموعي يوم بان غزيـــــرة
 ويا من لقلبي في هواه سريــــرة
 فليتك تحلو والحياة مريــــــرة
 وليتك ترضى والأنام غضــــــاب

 خيالك في قلبي لقلبي مسامــــــر
 وحبك للعشاق ناه وآمــــــــر
 فيا ليت غيث الوصل لي منك غامر
 وليت الذي بيني وبينك عامــــر
 وبيني وبين العلمين خــــــــراب

 لقد ذاب كلي في لقاك لك الهنــا
 وبدل فقري في تجليك بالغنـــــى
 فأنت هو الموجود حقـــا ولا أنا
 إذا صح منك الوصل يا غاية المنى
 فكل الذي فوق التراب تـــــراب 


العارفة بالله  رابعة العدوية 718م - البصرة

ذكر الله


 يعتمد الصوفية عل ذكر الله لأنه قوت القلوب ونور الصدور، وبالذكر وصل الواصلون وسلك السالكون هو مدار التصوف كله، والذكر نوعان ذكر باللسان وذكر بالقلب، وذكر القلب أسمى وأرفع من الذكر باللسان، لكن الذكر باللسان والقلب معا أكمل وأثم.
يقول ابن عطاء الله السكندري في مفتاح الفلاح ومصباح الأرواح لذكر الله الكريم الفتاح:

إن القلب مثل عيسى ابن مريم عليه السلام، والذكر لبنه، وإذا كبر وقوي صعد منه حنين إلى الحق وصوت، وصعقات ضرورية شوقا إلى الذكر والمذكور، وذكر القلب يشبه رنة النحل، لا صوت رفيع مشوش، ولا خفيا وشديد الخفاء، وإذا ستمكن المذكور من القلب وانمح الذكر وخفي فلا يلتفت الذاكر إلى الذكر، ولا إلى القلب فإن ظهر له في أتناء ذلك التفات إلى الذكر أو إلى القلب فذلك حجاب شاغل.

 من هو ؟

هو أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الرحمن بن عيسي بن عطاء الله السكندري فقيه مالكي و منتسب إلى الطريقة الشاذلية الصوفية التي أسسها الشيخ أبو الحسن الشاذلي 1248 وخَلِيفتُه أبو العبَاس المرسي 1287م
وتوفي ابن عطاء ودفن بالقَاهرةِ عَام 1309. ولا يزال قَبره مَوجوداً إلى الآن بجبَانة سيدي على أبو الوفاء تحت جبل المُقطمِمن الجهةِ الْشرقية لجبَانة الإمام الليث. لابن عطَاء الكثير من المُصَنفات و الكُتب منها ما فقد، لكن أبرز ما بقي له:
- لطَائف المنن، في منَاقبِ الشيخ أبى العباس وشيخه أبى الحسن
- القصد المُجرد في مَعرفةِ الاسم المُفرد
- عنوانُ التوفيقُ
- تَاجُ العروسُ الحاوي لتهذيب النفوس
- الطريق الجادة في نيل السعادة
- أصول مقدمات الوصول
- مفتاحُ الفلاحُ، ومصبَاحُ الأرواح لذكر الله الكريم الفتاح
- الحكم العطَائية، وهي أهم ما كتبه وقد حظيت بقبول وانتشَار كبير ولا يزال بعضها يُدرس في بعض كُليات جامعة الأزهر، كما تَرجم المُستشرق الانجليزي (آرثر اربري) الكثير منها إلى الانجليزية، وترجم الإسباني( ميجيل بلاسيوس) فَقرات كثيرة منها مع شرح الرندى عليها.

 

بدوت لها في كل صب متيم



حاول الصوفية أن يقتبسوا شخصيات تمثل نموذج الحب في أسمى معانيه، كاستعمال شخصية قيس المجنون أو جميل بتينة - وغيرهم من شعراء العشق- في إبداء صورة العشق الإلهي وإعطاء الطابع التلويحي المعتمد على الرمزية لتوضيح وتقريب معنى العرفان الإلهي ذلك لقصور العبارة عن توضيحه وتبيينه.
يقول ابن فارض:


بدوت لها في كل صب متيـــــــم     بأي  بديع  حسنه و بأَيَّــــــــتِ
وليسوا بغيري في الهوى لتقــدمٍ    عليّ  لسبق  في  الليالي  القديمـة
وما القوم غيري في هواها،وإنما   ظهرت لهم  للبس  في كل هيئــة
ففي  مرة  قيسا  وأخرى  كُـثَـيِّرا   وآونة  أبدو  جميل  بُتينــــــــــة
تجليت فيهم ظاهرا  واحتجبت  با   طنا بهم فأعجب لكشف بستـرة
وهن وهم لا وهن وهم مظاهــــر    لنا بتجلينا  بحب  و نضـــــرة
فكل فتى حب أنا وهو  وهـــــي     حب كل فتى والكل أسماء لُبْسة
أسامٍ بـها كنت  المسمى  حقيقـة    وكنت لي البادي بنفسي تـخفـت
وما زلت  إياها وإياي  لم  تزل     ولا فرق بل ذاتي لذاتي أحبـت



مدح خير الأنام




قال الشيخ الصوفي عبد الرحيم البرعي اليمني في مدح خير الأنام:

أتى عربي الأصـــل من عـــرب فصــــح
وأن المـثاني أنزلت بلـــســـانــــه
بـما خصـصته في الـخطاب من الــمــدح
حوى الشرف الأعلى بمجد مؤثــــــــــر
منيف و أحساب مهـذبة وضـــــــــــح
ورفعـة قـدر زانـها طيب عـنصــــــر
وطول يد أندى من العارض الســـــــح
وعـز جناب أخضـر السـوح دائمــــــا
إذا اغبرت الأفاق منهمر الـــــسّـــوح
تلــــوح عــليه شـيمة هـاشـمـيـــة
جلال أبيه البر أو عـــمه اللـــــــح
خلاصة سر السر من عز غالب أولو الفضل
لا شهم ولا جـــمـــــح الــجمــــــح
تسلل في الأصـــــلاب من عهــــــد أدم
فسار مسير الشمس في طالح النطــــــــح
وأشرق في شرق البلاد وغربـهـــــــــا
سناه وما أبقى إلى الشرك من جنـــــح

هو الشيخ عبد الرحيم بن أحمد بن علي البرعي اليمني، نسبته إلى( بُرع) جبل بتهامة. وأختلف في تاريخ وفاته بين من يقول أنه توفي سنة 803 هجرية، ومن يقول أنه توفي في منتصف القرن الخامس الهجري، وقول أخر أنه كان من الأحياء في القرن العاشر الهجري ..
للبرعي ديوان مشهور (للتحميل) فيه قصائد في تمجيد الله عز وجل، وفي المدح النبوي وفي الاستغفار، وفي مدح آل البيت، وفي التشوق لمكة والمدينة، وغير ذلك.. .
مميزات شعره أنه يمتاز بالسلاسة، والإشراق والسهولة. 


محمدٌ سيد السادات مَنْ وطئــــت
حجْبُ العُلا ليلة المعراج نعــلاهُ
ومثله ما رأت عيــنٌ ولا سـمعت
أذنٌ ولا نطقت في الكون أفــواهُ
كلُ الملائكِ والرسْلِ الكرام علـى
فَصّ الجلالةِ شكلٌ وهْوَ معنـــــاهُ
راحي وراحة روحي أنت أنت فما
ألذ ذكـــــــرك في قلبي وأحلاهُ
يا سيدي يا رسولَ الله خذ بيـدي
في كلّ هولٍ من الأهــوال ألـقاهُ
فاسمع جواهر مدح فيك حبـــرها
حبر إذا ما هاج بحر الشعر أملاه
مهاجرية افتـرّت كمـائمهــــا
عــن نعـت مدح ثناه لا ثناياه


المحبة


لقد أعطانا الله من المحبة الحظ الأوفر، إلا أنه قونا عليها، والله إني لا أجد من الحب ما لو وضع في ظني على السماء لانفطرت، وعلى النجوم لانكدرت، وعلى الجبال لسيرت، هذا ذوقي للمحبة، لكن قواني الحق فيها قوة من ورثته وهو رأس المحبين صلى الله عليه وآله وسلم، إني رأيت في نفسي من العجائب ما لا يبلغه وصف واصف، والحب على قدر التجلي، والتجلي على قدر المعرفة، وكل من ذاب فيها، وظهرت عليه أحكامها، فتلك المحبة الطبيعية، ومحبة العارفين لا أثر لها في الشاهد، فإن المعرفة تمحو أثارها لسر لا يعرفه إلا العارفون، مؤيد باسمه القدوس عن تأثير الكلام المحسوس.

الشيخ محي الدين ابن عربي

 

الإنسان الكامل


بمناسبة حلول شهر الربيع أعرض هذه الأبيات للشيخ عبد الكريم الجيلي المتوفي سنة 805هـ

 يا مـحور الإيـجاب والإمكـــان
يا عين دائرة الوجود جـميعــه
يا نقطة القران والفرقــــا
يا كاملا ومكملا لأكامــــــــل
قد جـملوا بـجلالة الرحـمـــ
قطب العاج أنت في خلواتـــــه
فلك الكمال عليـــك ذو دوران
يا سيد الرسل الكرام ومن لـه
فوق المكان مكانة الإمكـــــان
خذ بالزمام زمام عبدك فيك كي
يرخى ويطلق في الكمال عنانــي
يا ذا الرجاء تقيدت  بك مهجتي
بل للمحبة قد دعاك لسانــــي
صلى عليك الله ما غنت علـــــى
معنى تصاوير لـهن معانـــــــي

أنا وحدي



يقول الصوفي عمر ابن الفارض المصري (إمام العاشقين):


أنا وحدي بكل من في حــمــاك

فيك معنا حلاك في عين عقــلي

وبه ناظــري معنــى حــــــلاك

فقت أهل الجمال حسنا وحسنـا

فبهـم فاقـة إلى معـنــــــــــــاك

يحشـر العاشقون تحت لوائــي

وجميــع الملاح تحت لــــواك

ما فنـاني عنك الضنى فبماذا؟

يا ميليـح الدلال عني ثنــــاك

لك قرب مني ببعدك عـنــــي

وحنــو وجدته في جفـــــــــاك

علم الشوق مقلتي سهر الليـــل

فصارت من غير نوم تـــــراك

سمنون المحب


(ادعوا لعمكم الكذاب)، عبارة قالها منذ زمن قديم رجل صوفي، اسمه أبو الحسن سمنون بن حمزة الخواص، الملقب بسمنون المحب ، و قد عاش هذا الرجل في بغداد في فترة كان فيها المجتمع يعج بنقيضين: البذخ والترف من جهة ، والزهد والتقشف من جهة أخرى. وقد عاصر سمنون رجال التصوف المشهورين أمثال: أبي منصور الحسين الحلاج، والشبلي، و أبي القاسم الجنيد، وغيرهم... ويحكي القشيري في رسالته أن سمنون أبتلي باحتباس البول، وكان ساكنا ولم يجزع ، وسمع من حوله يقولون: سمعنا سمنون يتضرع إلى الله ويسأله الشفاء ، ولم يكن هو قد فعل ذلك، فأدرك أن ما سمعه الناس هو إشارة من الله إليه كي يظهر الجزع، ويتأدب مع الله بأدب العبودية، ويستر حاله وصبره ، فجعل نفسه يدور على الصبيان في الكتاتيب، ويقول: (أدعوا لعمكم الكذاب)، ذلك تلبية لتلك الإشارة الإلهية. 
.
يعتبر سمنون المحب، من شعراء الصوفية الذين نظموا الشعر الغزلي كابن فارض المصري، وابن عربي الأندلسي، ويغلب على شعره طابع المحبة، ولهذا لقب بسمنون المحب. ويحكى أنه كان جالسا على شاطئ دجلة، وبيده قضيب يضرب به فخده، حتى بان عظم فخده وساقه، وتبدد لحمه وهو يقول:
كان لي قلب أعيش به  ضاع مني في تقلبِــــــهِ
ربّ فاردُده عليَّ فقـد   ضاق صدري في تطلًّبِهِ
وأغِثْ مادام بيَ رمقٌ   يا غَيَاثَ المستغيث بــهِ
وله متفرقات شعرية كثيرة أذكر من بينها :

وكان قلبي خاليا قبل حبكـــــــم     وكان بذكر الخلق يلهو ويمزح
فلما دعا قلبي هواك أجابـــــــه      فلست أراه عن فِنانك يبـــرحُ
رُميت ببينٍ منك إن كنتُ كاذباً     إذا كنتُ في الدنيا بغيرك أفـرح

بكيتُ ودمع العين للنفس راحـةٌ   ولكنَّ دمع الشوق يُنكى به القلبُ
وذكري لما ألقاه ليس بنافعـــي    ولكنه شيءٌ يـهـيجُ به الــكـربُ
فلو قيل ما أنت؟ لقلتُ معــــذبٌ    بنار مواجيدٍ يُضرّمـهـا العتْـبُ
بليتُ بـمن لا أستطيع عتابــــه     ويعتُبنـي حتى يُقال لـيَ الذنـبُ

فإن شئت واصلني وإن شئت  لا تصل  فلست أرى قلبي لغيرك يصلح

 

أنا لست في الحقيقة غيرا


يقول الإمام محمد الحراق في بعض أبياته:



أنا لست في الحقيقة غـيـرا أوا للغير دونكم من قيام؟

حكمة الشرع أثبتتني لـمـا سمت الكون كله بأســــام

ونفى جملة انفرادك بالذات والأفعال والنعوث العظام

وإذا كنت في الحقيقة فـردا استحالت حقائق الأنـــام

أتـــطـلب لـيلى


بديعة حسن لو بدا نور وجههــــــا * إلى أكمه أضحى يرى كــــــل ذرة 

تحلت بأنواع الجمال بأسرهــــــــا * فهام بها أهل الهوى حيث حلـــــت 

وحلّت عرى صبرى عليها صبابة * فأصبحت لا أرضى بصفوة عروة 

ومن ذا من العشاق يبلغ في الهوى * مرامي فيها أو يحاول رتبتـــــــــي

وبي من هواها ما لو ألقى في لظى * لذابت لظى منه بأضعف زفرتـــي

وبالبحرِ لو يلقى لأصبح يابســــــا * والشم دُكت والسحاب لجفــــــــــتِ

ذهلت بها عني فلم أر غيرهـــــــا * وهمت بها وجْدا بأول نظــــــــــرةِ

ولما أزل مستطلعا شمس وجههــا * إلى أن تراءت من مطالع صورتي 

فغاب جميعي في لطافة حسنهـــا * لأن كنت مشغوفا بها قبل نشأتـــــي 

فدعْ عاذلي فيها الملام فإنمـــــــا * عذابي بها عذْب وناري جنتــــــــي

الشيخ محمد الحراق


هذه الأبيات هي من الجزءالاول من القصيدة المسماة تائية السلوك و هو مدخل غزلي كما جرت عليه عادة العرب في الشعر و قد تكون دلالاته أعمق من الإشارة إلى مجرد الأم أو الزوجة أو الحبيبة إلى الإشارة إلى الرحمة اللإهية في الكون ككل إلا أن حضور الأنثى في مثل هذه الأبيات الصوفية يوحي بمكانة المرأة القوية في هذه الثقافة التي تسمح باستخدامها للدلالة على معاني مهمة و عميقة.

قصيدة الشيخ الأكبر إبن عربي: تحي إذا قتلت



تُحيي إذا قتلت باللحظِ ، منطقهـــا
كأنها عندما تُحيي به موســــــــى

توراتُها لوحُ ساقيها سـنـا ، وأنــا
أتلو وأدرسها كأنّني موســــــــــى

أًسقُفةٌ من ينات الروم عاطلـــــــة
ترى عليها من الأنوار ناموســـــا

و حشيّةٌ ما بها أُنسٌ قد اتّخــــــذتْ
في بيت خَلوتها للذكر ناوُســــــــا

قد أعجَزَتْ كلّ علاّمِ بملّتنــــــــــا
وداوُديّا، وحبراً ثمَّ قسِّيســـــــــــــا
 
إن أومأتْ تطلب الإنجيلَ تحسبُهَـا
أقسِّةٍ، أو بطاريقاً شماميســــــــــا

محي الدين ابن عربي

من أشعار إمام الحراق



أحـبتــنا إن الغرام أصــــــــابنــــي *  وغـيّـبَـني حتى تـحيرت فيكـــــــم

فإن رمت نوماً فارق النوم مـقلتــي * و إن رمت بسطاً خفَّ سلواي عنكـم

و إن كنت من أهلي قـريباً أخـــاف * أن تـروا من محب حالة البعد منكم

و إن كنت نـاء ٍ عنكم خلت أنـــني * أقصر عن نـهج العبيد لديكــــــــــــم



على كل حال ليس في الحب راحـة * أموت شهيداً و السـلام عـليكــــــــم

الإمام الحرّاق (1845- 1772م 1261- 1186هـ)
--------------------------------------------------------

 محمد الحراق شيخ وشاعر صوفي من فقهاء المغرب. وفاته بتطوان. له (ديوان العلمي) سلك في طريقة ابن الفارض، وفيه تواشيح وأزجال، و (ديوان رسائل ومنظومات) في خزانة الرباط (275 د).. و (شرح الصلاة المشيشية) رسالة. ولتلميذه محمد ابن العربي الدلائى (المتوفى سنة 1285) كتاب (النور اللامع البراق في ترجمة محمد الحراق) في خزانة الرباط (960)..

يأتنس خاطري الحزين بذكرك

يأتـنـس خـاطــري الحــزين بــذكــرك
وبـــدون ذكــــرك لا يقـــر لــي قــرار أبـدا،
ومـــع ذكـــرك تـتـعـالــى صـيحـاتـي لـيـل نـهــار
وشــمـع حـبـك فـــوق وســــادتــي،
طــالــما لا تـتـجــرد فـي طـــريـــق عــــشـقــه
فــــلـن تــفـنــى عــــــــــن وجــــودك أبــــــــدا.
الــدنيا كــــلها قيد لــــــك أمــــــام أعــتابــــه
فتعلــــق بقيــــــد الإقبـــــــال حتــــــــى لا تـتـردى.



من الربعيات المترجمة للعارف بالله عبد الله الأنصار الهروي



Join me on Facebook Follow me on Twitter Email me Email me Email me Email me

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة