الوصف

تحملُ البشارة، ولكن..

ما الذي أعاد العصفورة إلى نافذتي. فهذا الصباح اسمعها تصفِّر صفيرًا رقيقا، عميق المدى، موغلٌ في التحريض على استحضار ملامح الأشياء. كأنه حنين...
ما الذي أعادها إلى نافذتي وقد غابت منذ غابت عني أشواقكِ، وسلاماتك، واصطباحاتك. كنتِ الشمس لمداري. بك أنير النهار، ولا يوم من دونك، لا إشراق من غير عينيك الوهاجتين، لا نسيم من دون عطرك المُسْفِر عن جمال الذوق وحُسنِ الاختيار. وفي أيام الفصول الماطرة كنت معطفي الدافئ، ثقتي التي أتوسَّدُ صدرها الناعم، لأقاوم برد الحياة القاسي. مظلةُ الحب كانت تأتينا من غيب دون أن تستأذن. عنوة تأتينا، لا سائق لها، لا متحكِّم، تقينا من جلد المطر... لمَ الغيب أمسكها عني بعد غيابك؟ ولم العصفورة الصغيرة هاجرت نافذتي بعد هجرك؟ لمَ النَّهارات لم تعد مشرقة؟
لم كل شيء تصلّب، تحجر، تقوقع في عمقٍ أسود؟
آآآه.. آآه، كم هو صعب أن تتواطأ الطبيعة مع انفعالات الحِسان، ومع قراراتهن.
كم هو مؤلم أن يزجك القدرُ في دائرة من تواطأ الكل على مقاطعته، وعلى نبذه.
أنا المنفيّ دون سفر، دون أن يبدّلَ المكان. نفس المكان نفس النهارات. الصباحات هي هي. النافذة، الغرفة هي هي، ما الذي تغيَّر إذن؟ أكانت هذه الأشياء ذات أرواح، فغادرتها، أكانت لها أحاسيس وتلاشت؟.
آه يا عمقيَ الضائع، إنني أعيش عهد الشحِّ، وعصر الانقباض، وحالة التقلص، وأندس في عالم الغرابة كلي، كمن تبتلعه دوامة عميقة المجهول...
ما الذي أعادها؟!
هذا الصباح تنقر زجاج نافذتي نفس العصفورة، توقظني من حلم أذِنَ باقتراب حلول الصباح، سمعت صفيرها الرقيق، فاشتقت إلى شيء، بل إلى أشياء. اشتقت إليكِ، واستغرقت في تأمل نداءات تبثها روحي. فلعل اتصال الأرواح أقْـدَر على أي اتصال. فهل ستعودين كما عادت العصفورة؟ هل ستنبعثين كما انبعث الحلم الجميل في منامي؟
وهل أنا أصلا ما أزال قديسك؟! أم أنك غيرت ملَّتك واتخذت قديسًا غيري.


رشيد أمديون. ابو حسام الدين

2 تعليقك حافز مهم على الإستمرار:

غير معرف يقول...

الله
اولا اعجبنى جدا منظر العصفوره امام النافذه
لا ادرى اذا كان هذا تصويرك ام انها صوره من جوجل
الموضوع عجبنى جدا ولكن تألمت كثيرا لكل هذا الشجن
اخى
عندما تدب الحياه فى قلب الانسان وتنتعش روحه من السرور يشعر ان كل شىء من حوله فيه تلك الروح التى بداخله ويشعر ويحس بكل شىء يحيط به ويراه بعين مختلفه ويسمعه بأذن مختلفه وذا فقد ﻷانسان السعاده ومات قلبه من الحزن فإنه لا يشعر بأى جمال او.اى روح او حياه من حوله

رشيد أمديون يقول...

@قمر وليل وغيوم

لا، الصورة ليست من تصويري، ولو أني مولع بالتصوير :)

شكرا غلى الإضافة الجميلة
دام لك البهاء أختي

إرسال تعليق

كلماتكم هنا ماهي إلا إمتداد لما كتب، فلا يمكن الإستغناء عنها.
(التعليقات التي فيها دعاية لشركات أو منتوجات ما تحذف)

Join me on Facebook Follow me on Twitter Email me Email me Email me Email me

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة