الوصف

سواسية


ولو أنه بُعث؛ سأخبره أنّ الحياة ذاقَ من شهدها الكثير. لكنّه لم يستطعمه، بل بصق بكل وقاحة في وجوه من كان يملك أمرهم.
سأجد فسحة أمارس فيها حرية الكلام دون أن أخشى يداً تمتد نحوي لتصفع رقبتي، أو ترميني خلف المدار... فقد انتهت مهمته لم يعد بيده الأمر والنهي، وإن بعث.

لو أنه من النعش نهض وعانق أذلّ شخص في قريتنا، بل وقبّل يده، أو رجله... ولمَ لا؟؟
فقد عاش يدوس ويدوس، فلماذا لا يُداس بقدمين موحلتين في يوم يكون أخر زمنه وعهده؟
ضحكت كالمجنون وأنا أنظر إلى أولئك الأشخاص ذوي الرفعة في الصفوف الأمامية، بدا عليهم التملق، والتظاهر بالحزن والأسى..
كدت أصرخ: (كذبٌ ونفاق، عشتم في حياته تراباً لرجليه، وبقيتم بعد رحيله كما أنتم...).
أدرت رأسي إلى الخلف، كانت هناك صفوف أخرى. رمقت وجوها ذابلة عليها غبرة المهانة، كأنها تصيح صامتة: (لقد قهرنا حياً... ويقهرنا ميتا).
- ترى، أصلاة المرغمين مقبولة؟
هكذا سألت.

لو بُعث سأخبره جهراً أنّ النعش يشكو منه، وقد فهمت شكواه وإن كان جنسه خشبياً. فلم تكن الجثة الضخمة المسجاة سهلة الحمل، وهو الذي أكل كل طيبات الأرض، بل وخبائثها.
- فلمن هذا الجسد المتخم، أيها النائم في العالم العلوي؟
ثم أُسِرّ له أنه سيحضر احتفاء الدود ورقصته حين يرى الوليمة وحجم جسدٍ مترهل...
فكرت وخططت أن أفعل، لو نهض.
لكن؛ بينما أنا أستوي في الصفّ، جاء النداءُ القاهر من الأمام، سمعته كل الأذان:
- (جنازة رجل).
فتلاشت كل هلوساتي بعد النداء...


رشيد أمديون
09/11/2012

16 تعليقك حافز مهم على الإستمرار:

Unknown يقول...

هو الموت من يساوي بين كلّ المخلوقات ، و هو القدر المحتوم و لكن كثير من لا يعي هذا و لا يقرأ حسابا لمثل ما وصفت و أشرت ،،

كثير ممن استعبدالنّاس و استعملهم و سرق أقواتهم و عاش جبّارا عتيّا ،،، و لم ترد في خاطره لحظة الفناء،و أن الموت حكمة و عدل .

تقدير ي

http://zaman-jamil.blogspot.com/

محمد نبيل جادالله يقول...

" الناس نيام .. فإذا ماتوا .. انتبهوا " ..
مقولةٌ ما أصدقها وماأغلَلَنَا عنها.

بارك الله فيك أخى.

شمس النهار يقول...

سبحان الله
دايما الموت والجنازات
بتوقد التفكر والتدبر والتذكر

أمال يقول...

وها قد مات وها هم قد تخلصوا من جبروثه وكم منهم سيسكنه الخوف ولو بعد عقود..

لو تمعن كل منا لحظة الموت بصدق وفنائه ولو بعد 100 عام لما كان العالم هو العالم..

دمت في رعاية الله اخي

رشيد أمديون يقول...

@mongi bakir

صدقت أخي منجي، غفلة الحياة تطمس تذكرة الموت.
لك الشكر على تعليقك الجميل
تحياتي أخي.

رشيد أمديون يقول...

@mohammad nabiel
كما تفضلت الموت يقظة وانتباهة.
وجاءت سكرة الموت بالحق..

لك التقدير أخي محمد

رشيد أمديون يقول...

@شمس النهار
أهلا بك شمس النهار
ولهذا سنت الجنائز والصلاة عليها للتذكرة والموعظة.
لك تحياتي أختي.

رشيد أمديون يقول...

@أمال

قد رحل ومات لكنه خلق جيلا مرعوبا خائفا..
كم منهم يذل الناس حيا ويذلهم ميتا.
لك المودتي الخالصة أختي أمال.

محمد ايت دمنات يقول...

نحمد الله على نعمة الموت التي تسوي بيننا معها تتحطم الحواجز ...
ما أكثر مثل هذا الشخص و مشكلتهم أنهم لا يضعون هذا اليوم في حسبانهم
تحياتي لك أخي رشيد

ليلى الصباحى.. lolocat يقول...

لا اعرف لماذا تخيلت شارون بين حروفك وكلماتك
فهو افضل مثال لما تفضلت به اخى رشيد
كم من الاهوال والفظائع ارتكبها وبجلوه فى حياته ولازالوا يفعلون بعد وفاته الجسدية وبقائه بنعشه ( السريرى) الذى ضج منه ومن عفنه الذى خلفه وراءه فى الحياة

اعاذنا الله من حياة المتجبرين ورزقنا واياك والمسلمين حسن الدارين وصلاحهما

جزاك الله خيرا استاذى وبارك فيك
تحياتى بحجم السماء

مصطفى سيف الدين يقول...

صدقت أمور كثيرة لا تتضح إلا بعد فوات الآوان
رائع انت دائما يا صديقي

حنين محمد يقول...

مساء الغاردينيا آبوحسام
لو تفكركلاً منا في أخرته وفي قبره ونهايته
لما كان طاغي ومتجبر ومكابر
ولما ترك خلفه سواد "
؛؛
؛
لروحك عبق الغاردينيا
كانت هنا
Reemaas

رشيد أمديون يقول...

@محمد أيت دمنات

فعلا أستاذ محمد، نحمد الله على هذه النعمة، فلولاها لزاد الطغيان..
بارك الله فيك

رشيد أمديون يقول...

@ليلى الصباحى.. lolocat

أخي ليلى كم من شارونات ولدهم العصر، هم كثيرون..
نسأل الله السلامة
مودتي

رشيد أمديون يقول...

@مصطفى سيف الدين

الروعة في حضورك يا صديقي العزيز
شكرا لك

رشيد أمديون يقول...

@ريـــمـــاس

صدقت أختي ريماس
أسعد الله أوقاتك

إرسال تعليق

كلماتكم هنا ماهي إلا إمتداد لما كتب، فلا يمكن الإستغناء عنها.
(التعليقات التي فيها دعاية لشركات أو منتوجات ما تحذف)

Join me on Facebook Follow me on Twitter Email me Email me Email me Email me

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة