الوصف

عجوز القرية


تستيقظ القرية كما المألوف على ضجيجها، تتناقل مجالس النساء حديث ليلها ويرتعب البعض وتنال من الآخرين الدهشة.
هي لا تنام ، هي بالليل سامرة، ولا يغمض لها جفن في جحرها الواسع.
 تعود منها الناس عند اقتراب خطوات المساء أن تجمع الأحجار في شِوال، متتحسسة الأرض بكفين تعربان عن سن الشيخوخة، لا فرق عندها بين النهار والليل، فالظلمة في عينيها رغم شمس النهار، فقد انطفأ نور حبيبتيها..

تتناول الحجر وتتوعد أسماءً محددة يعرفها أهل القرية:
لن تسلموا الليلة من رجمي، عليكم اللعنة.
تقول النساء عندما تبلغ العبارة آذانهن: حفظنا الله منهم، أولئك الذين ننزه ألسنتا عن ذكرهم..
تقف وسط القرية تدعو عليهم رافعة كفيها إلى السماء…
وأنفاسها لا تنقطع هي لا تفتر.. تلك عادتها، آلفها الصغير والكبير.
يحل الظلام فيطوي السكون كل أرجاء القرية، زاوية فقط لا تنام ، يعلو منها صراخ ، وحجارة من سطح بيت هرم تحلق يمينا ويسارا مضطربة الوجهة.. أسماء منطوقة على لسان شاخ وصار لصوته رعدة، هي ترى شيئا، بل أشياءً..!
إنها ترى ما لا يرون..!
يختبئ الناس في بيوتهم يكتفون بالإنصات للهجها المفزع. قد حضر زوارها الذين لها يظهرون، ولموعدهم المظلم لا يخلفون، يتمثلون لها صورا، هذا فلان وذاك فلان، تلعن وتسب، ترجم وتتوعد..
ليل طويل ولا فتور..
كل الناس تنفطر قلوبهم، يحملون يقينا أن ما بها ليس جنونا، وما استطاع أحد أن يشق ظلمة الليل وصولا إلى بيتها...
ليس من السهل اقتحام الرعب ذلك هو الجنون بعينه.
في يوم انقطع صراخها…
دهشة أخذت أهل القرية، زارها في جحرها كل الناس حتى من لم يفعل وهي حية، راجيا أن يعرف سبب صمتها.
دفنت العجوز في قبرٍ مع سرها.. وما تركت لأهل القرية غير صمت وبيت قديم، ووهم تلوكه ألسنتهم.

01-02-2012
أبو حسام الدين

27 تعليقك حافز مهم على الإستمرار:

غير معرف يقول...

بسم الله وبعد
بوركت أخانا في الله على هذه القصة ذات المعنى العميق
تحياتنا واحترامنا وتقديرنا لك
مـ أحلام ـازن
تنويه
* تصحيح (هي ترى شيئا بل أشياء...)

رشيد أمديون يقول...

@مازن الرنتيسي ● أحلام الرنتيسي

اهلا بك أخي الحبيب مازن
شكرا لك على الانتباهكـ، فقد اختلطت علي الشين والسين. المؤمن مرآة أخيه.
حياك الله.

رشيد أمديون يقول...

@مازن الرنتيسي ● أحلام الرنتيسي

عفوا الانتباه.
أخطاء..ربما نزول في ضغط الدم الله يستر

د.آيه يقول...

تصدق أحسن إن سرها اندفن معاها :D
أراحت بردو .


حقا .. لا أحد يعرف ما يحدث في هذه السن و ما يري و ما يعرف.

أفتقدتكم كثيرا

رشيد أمديون يقول...

@د.آيه

اهلا بك أختي
أطلت في الغياب لعل المانع خير.

سرها دفن معها ولكن بقي الوهم حديث المجالس كلما ذكر اسمها.
لك الشكر

أمال يقول...

سيتذكرها الجميع لفترة وسينساها الجميع بعد فترة..

سلامي لك أبو حسام :)

ليلى الصباحى.. lolocat يقول...

السلام عليكم

ربما يتذكرها البعض فعلا وربما ينساها البعض الاخر

لكن مثل هذه العجوز تشكل تاريخ قرية
وحكايا يظل عبقها راسخ فى الاذهان
تحيل امسياتنا لحالة خاصة من الشعور
الذى يربطنا بجذور المكان

راقت لى قصتك كثيرا
ايضا احسنت اختيار الصورة ( اعتقد انها ايضا سريالية ) هههههه

ملحوظة استاذى اعتقد ان تصحيح الكلمة هنا
( تلعن وتسب ..ترجم وتتوعد )

تحياتى وتقديرى

رشيد أمديون يقول...

@أمال

لا أظن أختي أمال. المسألة ليست في المرأة بل في سرها

رشيد أمديون يقول...

@أم هريرة.. lolocat

وعليكم السلام

ياااا الصورة سريالية كذلك؟

شكرا لك.
وبارك الله فيك على الملاحظة. قلب الحروف..
اليوم لست طبيعيا :)

لك التقدير أختي ليلى

حنان يقول...

تمنيت لو عرفت سر هذه المرأة الطيبة
أخذتني قصتك أستاذي بعيدا جدا

تحياتي الخالصة لحرفك

مغربية يقول...

وبوفاتها يبقى السر دفينا
ويستمر الوهم بين الناس أيضا

((هنادي الشرفا)) يقول...

قصة رائعة من نسج خيالك الخصب

بارك الله فيك

ساكون دوما هنا

رشيد أمديون يقول...

@حنان

سرها الله به عليكم
لحد اليوم لم يعلمه أحد
كل ما يلوكونه كما حتمت في النهاية هو الوهم.
بارك الله فيك أختي حنان

رشيد أمديون يقول...

@مغربية
نعم سناء وهذا ما حدث.
شكرا لك

رشيد أمديون يقول...

@((هنادي الشرفا))

هي من نسجي حقا لكن ليست من خيال، فهي واقعة.
أرحب بك في ركني المتواضع.
شكرا لكِ

مصطفى سيف الدين يقول...

إنه ليس سرا يا صديقي
هي فقط تخشاهم تزدريهم ترميهم بعيدا عن دائرتها بارسال اللعنات عليهم هي تصنع حولها وهما أو سرا تخفي ورائه رعبها منهم
الخوف يصنع مخلوقا متوحشا يخشاه الجميع
استمتعت بقصتك يا صديقي و آسف على التأخير

ولاء يقول...

السلام عليكم
ربما ستظل قصتها تروى للأطفال كأقصوصة رعب ..

وربما سيخرج منها ثعبان ضخم يطوقها ...تخويفاً للأطفال حتى لا يخرجوا ليلاً ...

ولكن يظل إلهامك بهذه القصة وطريقة سردها دليل على إبداعك ورقي فكرك وشفافية احساسك بمشاعر الناس .

دمت أستاذنا الكريم بحفظ الله ورعايته .

رشيد أمديون يقول...

@مصطفى سيف الدين

أخي مصطفى ربما يكون ما قلت.
اشكرك.
أسعد دوما بأنك هنا

رشيد أمديون يقول...

@ولاء

وعليكم السلام

هذا ما قد يكون..
وحتى بيتها ظل مرعبا مهجورا
أشكرك أختي ولاء على رأيك

د.آيه يقول...

شكرا لملاحظتكم غيابي .
الحمد لله على كل حال .. مر بي الكثير و أدعو الله لى أن يكون القادم أفضل .

رشيد أمديون يقول...

@د.آيه

العفو أختي
واهلا بك مجددا
والحمد الله، وجعل الله المحن مفتاحا للمنح.

عبدالعاطي يقول...

لا أحد سيعرف سر الصندوق الأسود لعجوز القرية، لأن الجميع
كان يتجنبها خوفا أو سخرية..ولذلك سيستمر الخوف والوهم
وتستمر معاناة العجائز في خريف العمر.
تعرف يا أخي أن لكل قرية وحي عجوز كهذه..وأحسنت في تسليط
الضوء على هذه العينة الأسطورية التراثية في قالب قصصي ممتع ومشوق.

رشيد أمديون يقول...

@عبدالعاطي

أضحكني تعبيرك الصندوق الأسود لعجوز القرية. يفي بالغرض هههه
لا أدري أخي عبد العاطي لم أجد نفسي إلا في أن أكتب عن جوانب من التراث وعن أصل كيفما كان.. ربما لأني ابن بيئتي، وما علق في رأسي من الطفولة يصعب محوه..
قصة العجوز غريبة جدا، وأجلتها لمرات قبل أن أكتبها، وهناك الكثير عنها ولكن الاختصار أفضل مادامت الفكرة وصلت.
شكرا لك أخي عبد العاطي

بندر يقول...

مساؤك خير استاذي العزيز:

يالي هذه العجوز العمياء..

لك تحياتي سيدي ...

رشيد أمديون يقول...

@بندر الاسمري

أسعد الله أوقاتك أخي بندر
شكرا على اطلالتك الطيبة

أمال الصالحي يقول...

ربما سينساها البعض، لكن سرها سيظل يرافق القرية وأهلها، وحكايتها ستسرد وتتناقلها المسامع
طريقة سردك تؤجج الفضول لمعرفة ذاك السر الدفين

لك تحياتي أخي رشيد

رشيد أمديون يقول...

@أمال الصالحي

هو سر حرت فيه أنا
طالما اعتقدت في صغري أن بيتها مسكون أن الجن هو من يطادها..
كبر معي السر ولم أجد له جوابا فهو مدفون مع العجوز.
شكرا لك أختي أمال

إرسال تعليق

كلماتكم هنا ماهي إلا إمتداد لما كتب، فلا يمكن الإستغناء عنها.
(التعليقات التي فيها دعاية لشركات أو منتوجات ما تحذف)

Join me on Facebook Follow me on Twitter Email me Email me Email me Email me

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة