الوصف

في الذاكرة



  أمسك بلوحي الخشبي يكتب عليه بواسطة قلم مبتكر من شق عود القصب،  يغمسه في قنينة صغيرة  الحجم اتخذت لون السائل الأسود الذي تحتويه، ثم يجعل القلم القصبي يسكب ما حمله من السائل الأسود فوق صفحة اللوح، فيكتب بخطه  المغربي وعلى رواية ورش الثمن الثاني من الربع الأول من الحزب الستين... أنظر إلي يده وهي تتراقص بحركات غريبة لا يستوعبها إدراكي.. ينتهي من تخطيطه، يضع القلم القصبي وسط القنينة ثم يقرأ ما كتب بصوته الذي تغلب عليه لهجة النطق الأمازيغي، فأكرر خلفه:
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أَفَلا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ...
أكرر ما يتلوه  كالببغاء حتى يكمل معي الثمن، ثم يدفع إلي باللوح قائلا: احفظ جيدا.. أتخذ  مكاني وسط الطلبة، أجلس وأعتدل في جلستي، ثم يرتفع صوتي بالقراءة والتكرار؛ لقد صرت ملزما بحفظ هذا الثمن لكي أقوم غدا باستظهاره  أمام سيدنا الفقيه، ليتأكد من أني قد أكملت حفظه على الوجه المطلوب... كم هو صعب أن أجلس القرفصاء كل يوم أمامه وهو ممسك بعصا رقيقة جدا كسوط  يجلدني به كلما أخطأت في القراءة، أو تلعثمت في الحفظ...
اللوح المصنوع من جدع الشجر يبدو بين يدي أقرب من حجمي الصغير، أتلوه وأكرر.. وأتمرجح  إلى الأمام و إلى الخلف جالسا القرفصاء أو مربعا رجلاي رغم أنهما قد تعبتا من هذه الجلسة القاسية، لكني مرغم على ذلك.. فيا ويل من يطلقهما أو أن يفترشهما في حضرة سيدنا! عصاه الرقيقة التي لا تأخذ القيلولة ولا تنام كفيلة بأن تعلمه أدب الجلوس عند تلقي القرآن!
كلما ارتفع صوتي بالقراءة كلما اختفى وسط كثلة الأصوات الأخرى التي تصدح بها حناجر تختلف أعمار أصحابها.. فلا يُسمع إلا تموجات من الضجيج.. هؤلاء يحفظون الحروف الأبجدية والآخرون يحفظون ثمن القرآن المقرر لهم من طرف الفقيه "الشياظمي"(1) صاحب العصا القاسية.
نتنفس الصعداء حين نرى الفقيه يتجه نجو سطح المسجد ليرفع صوته القوي بالأذان لصلاة العصر معتمدا على  حنجرته، فلم يكن للمسجد مكبرات صوت ولا حتى يتوفر على الكهرباء، لكن صدى الصوت يجلجل بين الجبال الشاهقة ويكسر السكون الذي يلف هذه القرية الأمازيغية التي تختبئ خلف جبال الأطلس الصغير..
نعرف حينئذ أن وقت الاستراحة قد حان؛ يتجه كل طالب ليحمل إناء صغيرا من المعدن شكله كالواقية التي يضعها الجندي على رأسه، ونقف ننتظر أن نأخذ حصتنا من الماء بالترتيب. يتطوع أحد الطلبة الأكبر منا سنا ليمسك بدلوٍ مربوط  بسلسلة طويلة في حافة البئر فيرسله بإتقان على صفحة الماء حتى يمتلئ جيدا، ثم بعد ذلك يجر السلسلة بقوة إلى أن يصل إليه الدلو فيملأ  لكل واحد منا إنائه الصغير... نتوضأ ثم نلتحق بالفقيه لنقيم الصلاة في جناح خاص يسمى "المقصورة"...
انتهينا من صلاة العصر نتسابق إلى أماكننا لنستأنف عملية الحفظ...تعلو منا ضحكات خافتة تخشى الانطلاق مخافة أن تقمعها العصا... بعد أن يعود الفقيه إلى مكانه يشير إلى أحدنا ليأتي بصينية كبيرة عليها براد وأكواب وآنية أخرى تحتوي على الشاي والسكر والنعناع.. وتوضع أمامه، ثم يقوم بتسخين الماء لدرجة الغليان، فيعدّ لنا برادا من الشاي المغربي ذو الطعم المر الذي يحبه أهل الجنوب.. لم نكن نتلذذ طعمه لقوة مرارته ولكن لا اعتراض على فعل الفقيه.
رشفت من كوبي رشفات كما العادة كانت كالعلقم المذاب، فوضعت الكوب على الصينية وأمسكت لوحي وبدأت أقرأ (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ  إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ..) وأسترق النظر مرة تلو الأخرى إلى سيدنا الفقيه خشية أن يهوي على بسوطه الذي هو بالمرصاد لكل متهاون في الحفظ..
لم تكن مداركنا تستوعب ما نحفظه، كل ما نعرفه أنه كلام مقدس من خالقنا وربنا.. فيعلو صياحنا ويتداخل الحرف بالحرف فيحدث ذلك ضجيجا لكنه ضجيج مقدس في عرف أهل القرية ومحبوب في أذن الفقيه، لهذا فلا انتقاد ولا اعتراض من الجيران.
ها هو الأصيل أعلن الانسحاب ، وبدأ يقترب وقت الغروب شيئا فشيئا...يعلن سيدنا الفقيه موعد الانصراف، فيهتز الخاطر فرحا لأني سأتحرر من سطوة هذا المعلم القاسي ولو لوقت محدود، لكني غدا على موعد معه حتى أستظهر أمامه ما حفظته. كما أننا سنعود لنصلي خلفه صلاة المغرب ثم نقرأ معا الورد القرآني (حزب كامل ).
قبل الخروج أنحني لتقبيل ظهر يمينه المباركة التي لطالما كتبت كلام الله، والتي تجلدنا إن أخطأنا.. لكني أقبلها ببراءة طفولية وبقناعة تامة، لأنها يد علمتنا شيئا من القرآن. 

من يوميات طفل   
أبو حسام الدين (1) الشياظمي نسبة إلى قبيلة مغربية تسمى الشياظمة.


زمن الربيع



زمن دنا منا تعشقه النفوس تناجيه إن غاب في صمت؛ زمن يزورنا بعد الغياب، يتحفنا بروائعه المسدلة من خلف الغيوب، تتزين له الأرض وتهتز من شوق؛ تبدو على محياها علامة السرور بعد حال من القطوب؛  وتلبس قشيب الاخضرار، وتضع أحمر الشفاه منتظرة، مستبشرة كامرأة ترقب قدوم حبيبها من سفر، تتعطر.. تتجمل ترسم في الخيال شكل اللقاء.
زمن ضحك له الزهر فرحا وتمايل طربا، ففاح العبير؛ ونودي يا نحل هلمّ إلى العمل فقد طاب الرحيق، ويا فراشات رفرفي وارسمي لوحة الجمال بألوانك الزاهية ورشاقتك الساحرة. زمن فيه تعبق الحياة وفي زهو تطير العصافير مرحا تغرد لحن البهجة بعد طول حنين، تتراقص السنونوات في الجو تعلن افتتاحية الفصل الجديد... وللشمس  اشراقة  بعد حزن؛ تهللت مبتسمة بعدما ذهب المُزن وعاد للسماء الصفاء، وعاد دفئها يدغدغ  شعاب الجبال، ومروجا ووهاد، وكل نشَزٍ من الأرض... والثمار والأشجار. صوت الثغاء من بعيد كلحن الفطرة من رحم الطبيعة يستغيث بقولٍ لين فينتشر الصوت في هذا الوجود ويُسمَع.. فمنا من به انتباهة ويقظة، ومنا من بغفلته رعديد، ومنا شقي وسعيد.


أبو حسام الدين

وداعٌ في محطة فاس



اقتربا نحو سيارةِ الأجرة ببطء. كانت خطواتهما تأبى التقدم. ركبت بجانبه وهي شبه غائبة العقل تسبح في خضم من أحاسيس مؤلمة. هو كذلك كان لا يختلف عنها حالا فقد امضيا يومين معًا لا يفترقان إلا حين يرخي الليل سدوله. انطلقت السيارة تدنو إلى قدر الفراق المعلوم. بعد برهة قصيرة أطلق السائق مسجل السيارة على أغنية مغربية، فزادت كلماتها من شجونهما:
خُوي عْمَلني مَن حْبابَك  حبابك سَالْ عليّا
وسَالْ عليّا كِيف يمْكَن نْسَالْ عليهُمْ 
 أنا جيتْ قاصْدة بَابكْ لا تخيبني
لا تخيبني َراه قلبي بْغَاك ويْبغِيهم  
 وسال عني من حين لحين
دِيرْني في بَالك واذكرني
شْكُون من غيرك يا لحْنِين
يْعرَف حالي ويعذرني
أخذتهما الأغنية بحنينها وكلماتها فذابا في لحنها الهادئ، وكأنهما يعيدان صياغة كلماتها في خاطرهما وعلى مقياس إحساسهما، أو كأن - لطيفة رأفت - كانت تغني لهما فألبست أغنيتها مشهد الفراق الذي صار قاب قوسين..
التفت إليها فوجد عينيها اغرورقت بالدمع، أحس سخونته في قلبه الحزين، تمنى لو الساعات ترجع إلى لحظة اللقاء قبل يومين حين وطئت قدماه أرض فاس، حين غرد صوتها في الهاتف: 
- لابد أن أراك..
- في هذه الساعة؟ الوقت متأخر شيئا ما..!
- لا يهم سأنتظرك في باب الحي الجامعي.. لابد أن أراك.. لن ترى جفوني النوم إن لم أرك الليلة.
- حاضر، سأحضر.
كانت الساعة الثامنة ليلا حين وصل إلى باب الحي الجامعي (بظهر المهراز)، وجد المكان يعج بالطالبات وبعض من يزورهن من زملائهن الطلاب. ظل واقفا ينتظر شمسه أن تسطع ليلا.. كلّمها هاتفيا: أنا أنتظرك.
- حالا حبيبي أنا قادمة.
بعد برهة لمح إحدى الطالبات تنظر إليه باهتمام لم ينتبه لها لانشغاله بالنظر داخل باب الحي. كانت تقف بجانب الحائط تترقبه في صمت.. أرسلت له ابتسامة خافتة الضوء.. سأل نفسه أهي لي؟ أحقا تكون هي..؟ بادلها بنفس الابتسامة فأقبلت إليه وكأنها تزف الفرحة وتهدي الأمل.. أما هو فقد أسكره لحن خطاها وهي تعبر تلك المسافة التي بينهما.. تموّج قلبه بنبض سريع كاد يخرج من مكانه.. بالله  ما هذا الجمال..! حقا طلعت الشمس ليلا..!.
عاد إلى الفندق وقد أشرِب قلبه فرحة لم تسرِ إليه من قبل؛ استعصى عليه النوم؛ أغمض جفنيه حتى يرتاح، ففي الصباح سيلتقي بها ويتجولا معا مدينة فاس العريقة.
عاد من سهوته التي استرجع فيها جميل اللحظات، أعاده الموقف ليجد الأغنية مازالت تخترق أذنيه:
مَحبتك يْشهَد لي بها كلْ من شَافكْ وعْرَفني
بروحي بعُمْري نْفديهَا نْصَفني أولا تنصَفني
فبالي وبقلبي من مدة وسنين ولو تنساني أنا ما نْساك
أنت روحي وأنت قرة العين وأنا طايرة فغرامي في سماك..
تنهد تنهيدته المرّة ونظر إلى رفيقته. هي سابحة في نشوة اللقاء، باكية لحظاتها التي أوشكت على الانقضاء. نظر نظرته.. وكتم الشوق.
أصرت أن تذهب معه إلى المحطة... كيف تودعه وهو مازال يمشي على تراب فاس؟ كيف؟. رغم أنه قال لها لا تتعبي نفسك.. لن تكتفي إلا بأن تراه يركب القطار وتعيش معه لحظة الفراق...  موعد قدوم القطار يفصل عنه ساعة. فظلت متمسكة به إلى أخر لحظة من حياة هذا اللقاء. جلسا في مقهى المحطة عساهما يرتويان مما بقي لهما من لحظات. قالت له قولا غلبت عليه نغمة الحنين والشوق وحرقة الفراق: سأشتاق إليك. خرس لسانه. لا يتقن التعبير في هذه المواقف إلا بالصمت، ولعل الصمت عنده أبلغ تعبير..
أخرجت منديلا ورقيا وأمسكت قلمها وكتبت "أحب واشتاق وأسهر مع الأشواق وأكتب على الأوراق، بعد الحبيب لا يطاق". أعطته المنديل مع وصية شفوية: حافظ عليه... تذكار مني لك.
لا يفصل عقرب الساعة الحائطية عن الثامنة مساءً إلا دقيقة واحدة،  إنه وقت حضوره. اتجاها معا إلى رصيف المحطة، مدت يدها المرتعشة لتصافح يده الممدودة إليها فسابقها الدمع وانهمر... ودّعها وظلت واقفة تترقبه يعلو منها نحيب صامت... تقدم  لصعود القطار ملتفتا نحوها. أخذ مكانه وجلس، نظر من خلف النافدة الزجاجية فوجدها تضع راحة يدها ترتجي منه أخر لمسة وكأنها لمسة الوداع  وضع يده على يدها رغم حاجر الزجاج الذي بينهما... قاطعهما القطار بصوت صفارته الأخيرة، تراجعت بضع خطوات إلى الخلف، رفعت يدها بتحية الوداع الأخير، فاختفى حبيبها بين المسافات...

كتبتها اليوم  16/03/2011
أبو حسام الدين

ارضاء


 لا تغضبي.. لا تعتبي

حبّنا مِلء المشرق والمغربِ

هات كفّك وعينك اغمضي

وأسمعي للهوى لحنا واطربي

اتخذي الصمت لغة

فبلاغته تُذهبُ العقلَ

والصّمت في شَرعِ الهَوى مَذهبي

•   •   •   •   •   •   •

لا تغضبي لا تعتبي

إنْ تطلبي الشّمسَ

آتيكِ بها قبلَ المَغربِ

إنْ تنظري إلى القمر

أهديهِ لكِ قبل أنْ تَطلبي.

إنْ ضاقت نفسُك بالدّجى

أخلعُ عليه دثار الصّبحِ

فشدّي طرفهُ واسحبي

لو غيرة سكنتْ رُوحكِ

طمستُ النجومَ

وقلت: اطلبي

...لولاك ما عرفتُ الهوى

ولا غزا الحبّ مني أبعد كوكبِ.

•   •   •   •   •   •   •

لا تغضبي.. لا تعتبي

فساكنة الفؤادي أنتِ

فابقي، إيّاك أن تهربي

..فلا أطيق غيرتك

وشوق قاتل

من عينك يبدو فلا تكذبي

قدري أنت بين النساء

فجودي بالأشواق،

واملئي الأقداحَ.. ثم اسْكُبي

اشربي مدام الهوى

وارتشفي زلال الكلام..

حين يهيج موجُ البلاغة، عني اكتبي.

•   •   •   •   •   •   •  

لا ترفضي دعوتي.. لا ترفضي

فبحر الهوى عميق

ومجدافي قصير..

والشوق يحملني على أصغر مركبِ

كوني معي كظلي...

انسجي زمنا سرمديا

ودعكِ من كلّ قول مُغضِب

حلاوة اللقاء، أن نسبح في الهيام

نعانق السماءَ

نرقى إلى موقع، من الأقمار أقربِ

هناك نحيا الحياة

نعتصرُ كَرْم الغرام في القول المُسهِبِ

فلا تغضبي.. ولا تعتبي.


أبو حسام الدين

آية قرآنية


  
  كان غارقا في سكينته، ينصت لقراء القرآن وصوتهم يزلزل زوايا المسجد، يتلون بصوت مرتفع، ومكبرات الصوت تكاد تخرم طبلة أذنه.. لطالما اتخذ موقفا معاديا لمثل هذه القراءة الجماعية التي تخلو من القواعد، و آداب القرآن.. لكنه لا ينكر على أحد مادام في الأمر خلاف.. ورغم أنه يفضل القراءة الفردية التي تكون أكثر تركيزا وأكثر إتقان؛ يكتفي بالإنصات والتأمل في الآيات البينات، ليس عنده الوقت ليدخل في جدال لا تنتهي، كما أنه لا يستحمل أن يتهمه أحدهم بمعاداة سياسة وزارة الأوقاف..

انتهت صلاة الجمعة وانتشر المصلون.. الكل يهرول للخروج، بينما هو يتجه نحو الباب يصافحه أحد أصدقائه، لم ينتبه له وسط الزحام وحيث كان باله مشغولا بآية سمعها فأخذت تفكيره... نظر إلى صديقه وابتسم وأشار إليه أن ينتظره خارج المسجد.
بعد خروجه التفت يمينا وشمالا باحثا عنه وجده ينتظره قريبا منه... لم يضع لكلامه مقدمات بحيث استقبله بسؤاله قائلا:
      -     أسمعت الآية القرآنية؟
-          أية آية؟ لقد تلوا حزبا بأكمله!
-         آه.. صحيح، أقصد الآية التي يقول الله تعالى فيها: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ).
-         نعم، ما بها..؟
-         لا أخفيك يا صاح، رغم سماعي لها باستمرار لم أنتبه لها إلا اليوم، ظللت الوقت كله أفكر فيها.
-         وما الذي جعلك كذلك؟
-         أجبني أولا على سؤالي هذا: هل المؤمن الصالح  الذين عاش في الدنيا مع زوجه في طاعة الله، سيفترق عنها في الأخرة وعند دخول الجنة؟
-         لا أدري أنت تعلم أن معلوماتي في الدين قليلة..
-         يا أخي إن الجواب على هذا السؤال هو ما جعلني أتدبر هذه الآية وهي شغلي الشاغل طوال مكوثي في المسجد، ولا أخفيك أن حتى خطبة الإمام لم أنتبه لها..
-         كيف ؟
-         الآية تقول أن الذين آمنوا يلحق الله تعالى بهم ذرياتهم من أبنائهم وأزواجهم إلى النعيم جزاء ما كانوا عليه من التقوى والصلاح في الدنيا، وهذا عكس ما كنا نظن أن أصحاب الجنة سينعمون بالحور العين فقط، وأن زواج الدنيا مقتصر على الدنيا لا غير.
-         نعم هذا صحيح..! أجدني وكأني لم أقر هذه الآية من قبل..! وماذا يعني وما ألتناهم من عملهم من شيء؟
-         نعم.. ربما إن كانت الذرية والأزواج في مرتبة أقل فإن الله يلحقهم بآبائهم  في أعلى المراتب في الجنة.
-         ولكن كيف يتساوى من في أعلى المرتبة بمن دونه؟
-         يا أخي إن من كرم الله تعالى أن يكرم عباده الصالحين وذلك بأن يلحق بهم ذرياتهم الصالحة، ولا ينقص من عملهم شيئا، هذا فضل من الله يرزقه من يشاء.
-         ولكن ربما يتوكل الأبناء على صلاح الآباء، فلا يجتهدون في الطاعة، ألا تلاحظ أنه من الممكن؟
-         ربما، ولكن الله عادل وهذا واضح من خاتمة الآية : كل امرئ بما كسب رهين. يعني كل واحد يؤخذ بما كسب من عمل..
-         نعم آية جديرة بالتدبر والتمعن، ورغم قراءتي لها مرارا لم أنتبه لها أبدا..

أخذهما النقاش والحديث حتى اضطرا للانصراف لضيق الوقت. لكن صاحبنا مازال صوت الآية يتردد في أذنيه وكأن القراءة مازالت تتكرر على سمعه... والسؤال مازال يستفز فكره مما حثه على البحث عن أسباب نزول الآية؛ فأزمع على أن لا يتناول شيئا من الأكل حتى يبحث في التفسير عن ظروف نزولها..

أبو حسام الدين

Join me on Facebook Follow me on Twitter Email me Email me Email me Email me

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة