الوصف

قال: ارحل




ليل طويل... تمردْ

نغم مريض من عصر فرعون يترددْ

أشرقت شمس  الحرية

وقد تأخرت عن موعد في الغيب لم يحددْ

إذا الشعب قال يوما ارحل!

فقد قتل الصمتَ وصلبه في عمد ممددْ.

فاشهد.. ثم اشهدْ

إن أبصرت بحق

ها ثورة أسكرت حاكما ومحكوما

ومن بالفرجة يتلذذ

لم تشأ الأقدار يوما

بل أنت من شئتَ

وعلى الشعب تمردْ

يقظة أطاحت بوهم عقولٍ
 
حسبت الحكم مؤبدْ.

أبو حسام الدين

من طرائف شيخ


وقفا يتجاذبان أطراف الحديث. اعتادا أن يتناقشا في قضايا فرعية تخص الصلاة، وبالرغم أن الشيخ كثير الجدال فالشاب كان يساير عقليته، يحاول أن يحترم سنه الذي تجاوز الستين. رفع الشيخ رأسه وأظهر الفهامة، وابتسم ابتسامة خفيفة كمن استنبط حكما جديدا يعالج نازلة من نوازل العصر. قبل أن يتكلم نظر إليه الشاب يتأمل ما سيقوله مكتفياً بالصمت، هو يدرك أن هذا الرجل الذي أمامه فريد من نوعه، له أفكاره الخاصة وعالمه الذي يعيشه... وعنيد لدرجة القساوة الجفاء.
    - اسمع، أتدري لماذا نحرك السبابة في جلسة التشهد؟
حدق الشاب في وجه الشيخ وفي باله يرقص ألف سؤال وتضيق مساحة الجواب حتى كاد تفكيره يعلن الاستسلام، ثم إنه ليس هناك وقت كبير حتى يبحث عن الجواب، فالعجوز ببسمته الاحتقارية التي تملأ شدقيه ينتظر ما سيقوله الشباب...
تحدث إلى نفسه باستغراب: حقا ربما يكون لتحريك السبابة معنى أو ربما يكون لها حكمة عميقة، أو مقصدا شرعيا علمه من علمه وجهله من جهله، ربما!... ولمَ لا؟، فكم من مسألة صغيرة لا نهتم بها نكتشف في بعدها أن لها حكمة ومقصدا... أظهر الشاب الجهل بالأمر لكنه فضل  أن يجيب بما يعلمه ذلك خير له من السكوت، فقال:
- إن تحريك السبابة ليس شرطا في الصلاة... فقد أُختلفَ حتى في كيفية الإشارة بالسبابة... ثم هناك رأي فقهي أخر يقول بجواز عدم تحريكها...
قاطعه الشيخ بنظرته المعتادة، والبسمة الحقيرة مازلت لم ترحل عن وجهه، ولكنه هذه المرة أضاف إليها حركة الرأس يمينا وشمالا.
علم الشاب علم اليقين أنه مهما بحث له عن جواب فلن يقتنع، فقال في نفسه:
 يا لهذا العجوز الغريب الأطوار أعلم أنه لن يقبل إجابتي، فهو نوع خاص من البشر الذي يصاب بالغرور بمعلومته، وأعلم أنه سيقول لي كما المرة السابقة: سمعت في المذياع أن شيوخ العلماء قالوا..
- شيوخ العلماء! ومنهم هؤلاء؟  - آآآآه أتقصد هيئة كبار العلماء..؟

بدا على وجه العجوز التباهي كمن يملك معلومة خطيرة لا يعلمها أهل الأرض جميعا، هو فقط من يملكها، وربما في تقديره  أن حتى تلك الهيئة من كبار العلماء لا تعرفها، ربما!... فهو الرجل الذي اصطفاه الله وأفهمه دون خلقه.
حرك العجوز شفتيه ليقول كلمته الأخيرة الفاصلة، فقال بكل ثقة واطمئنان: 
- ليس الأمر ما قلت..!
تعطش الشاب لسماع الجواب الذي سيعلمه شيئا كان يجهله، قال:
     - حسنا، وماهو يا سيدي إذا؟
     - إننا عندما نحرك السبابة في الصلاة بتلك الحركة الدورانية..
     - نعم..!!
     - نكون بهذا الفعل نخزق عين إبليس ونحركها..!.


                                              (هذا حدث واقعي وليس من الخيال)

أبو حسام الدين

فطرة وشيطان (قصة)


  
  في قريتنا التي استدارت بها الجبال العالية فكادت أن تلمس السماء بشموخها، فطرة لم يمسها شيطان ولا جان؛ قالوا أن الحياة من هنا انشقت وسلكت طريقها إلى العالم، ولكن حدث أن جاءها الغاوي فأضلّ، وارتمت الحياة في بحر الفتن فتعكر صوفها بعد أن صار كل شيء فيه دخن.
كان للنور طعم يستلذه أبناء القرية حين يدق الفجر بيوت الأهالي، وحين يصيح الديك بندائه الصباحي كاسرًا السكون بين الفينة والفينة؛ قالوا أن شجرة الحياة زرعها الأجداد في هذا التراب ولمَّا قوي جدعها وصارت لها غصون امتدت جذورها للعالم من قبل أن يأتي مسيلمة الذي علم الخلف كيف يجتثون الجذور ويقصون الغصون.
حكى أحدهم فقال: "كان المطر يأتي في موعده، يسقي الأرض ويروي العطشى، ويجري الماء عذبا فراتا؛ والأرض إذا أُنزل عليها الماء اهتزت وربت، واخضرت وانبثت من كل زوج بهيج؛ والسماء كانت حلة زرقاء تبتسم لكل ناظر بعين الفطرة والحب والسكينة... كل شيء يلبس مُسوح الفطرة والجمال؛ حتى الطيور كانت تحدثنا حين غدوها ورواحها، تخبرنا بمقدم الضيف وبالبشرى السارة... كان حديثها حديث أنس وسلام..!"
حكى الرعاة فقالوا: "كان الخير وافرا... وأنغام الناي تراتيلنا التي نهديها لأغنامنا حين تتحفنا بثغائها في بكرة النهار، كنا نستمتع بمنظر الشمس وهي تطل علينا من بين الجبال ملقية أشعة السلام، مصافحة مرعانا بالحب والوئام، وما تزال تبارك رعينا طول اليوم حتى تلقي في العشيّ قبلة الانصراف".
لم يرتح مسيلمة حتى أعلن بدعته في مكان قريب من القرية؛ سمع الأهالي ما شاع من حديث... قيل: أن حكمته وبركته  أجرت الماء هذه السنة، أن الأنهار تجري بأمره، والسماء تخضع لمشيئته... والأرض اخضرت بأن مشى عليها؛ فكونوا له أتباعا حتى لا تحل عليكم لعنة العصر والزمن..!
جمع حوله أتباعا فصدقوه، قالوا: أنه جاب مشارق الأرض ومغاربها وهو أعلم منكم وأفقه؛ فلمَ البغي أيها الجاهلون؟ 
نادى بعض ممن رفض بدعته: لقد سحركم هذا بما جاء به ولا شك أنه دجال، فاحذروا أن تصيبكم فتنة؛ وإنّ على فطرتنا باقون.
تكلم مسيلمة فقال: أيها الناس، اخلعوا جلابيب الأجداد المرقعة، والبسوا الحلل الجديدة التي أتيتكم بها، واهجروا مراعيكم وهذيانكم الفطري، ألا ترون أني أهديك سبيل الرشاد؟! خذوا كل شيء ولا تحرموا أنفسكم فالحياة متعة فاستمتعوا بها قبل الرحيل... أيها الناس، عصر الممنوع  قد ولى وحلّ عليكم اليوم عصر الممنوح..!  أما المطر، سوف أنزله لكم من السماء فينصب عليكم صبا، وأما الأرض سوف أشقها شقا، وأنبث لكم الزرع والزيتون والنخل...سأجعل قراكم جنانا خلد!
سمع الناس ندائه العتي، فذهب أهل الفطرة  إلى رجل أوتي الحكمة... وقال: إن فطرتكم أصيلة هي منبع الصفاء فحافظوا عليها من الدنس أو أن يحل بها دخن، ولا بأس أن تأخذوا الجديد لكن احذروا في التمادي خلف مسيلمة العنيد، فقد لا يهديكم السبيل؛ خذوا ما يوافق فطرتكم وأمْسِكوا عما تستنكره قلوبكم تكونوا من الفائزين؛ استعينوا بالعلم فما خاب قوم تسلحوا به ولن يُمَكّن لكم في الأرض بالجهل؛ فهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟!


 همسة حول الصورة التي في أعلى:
           
            - بين الظل والحَرور بين الظلمة والنور خيط رفيع هو حدٌ مانع للتجانس.
           - عندما يزحف الظل على الحياة وترى النور يشع في الأفق، تتمنى لو أنك تمسكه.

                                                       الصورة من تصويري/ لمنطقة بجبال الأطلس

أبو حسام الدين

إشارات على الطريق! (واجب تدويني سابق - العام الهجري)



  وتمر الأيام وتنصرم الشهور، ويظل للبعد الزمني أثر في نفوسنا؛ فتغَير الأحوال والظروف مقرون بجريان السنين والأيام؛ الأعوام تؤرخ للأحداث ولكل واقعة في الحياة البشرية.
أقف على السنة الجديدة -الهجرية والميلادية- وأنظر خلفي فأجد الحسرة، وأنظر أمامي فأجد هاجس الخوف يتربص بنا الدوائر؛ أكاد لا أشك أننا على مشارف الساعة.

   بالنسبة لي فسنة (1431/2010) لم أنجز فيه شيئا له أهمية، باستثناء إنشائي هذا المنبر الذي أكتب فيه اليوم منجاتي وخواطري، وشعورا ظل أسير دفاتري من زمن طويل؛ كما أن هذه السنة كانت كموعدٍ أرسله لي القدر لأتعرف على شلة من الأصدقاء الذين أنعم الله عليّ بصداقتهم الطيبة، وجمعتني بهم علاقات حميمة رغم بعد المسافات ورغم أني لم ألتقي بهم قط.
هذا العام خرجتُ منه بعتابٍ كبير لنفسي لأني تكاسلت كثيرا! سنة كاملة لم أمارس فيها نشاطي الرياضي، لكن فكرة الرجوع تلازمني كل حين، وإن شاء أعود قريبا لاستئناف نشاطي.
بالنسبة لابني حسام الدين فقد أكمل سنته الثالثة والتحق برياض الأطفال؛ خطوة في سلم التعليم؛ وما شاء الله وجدت عنده رغبة ملحة في التعلم والمواظبة على ذلك، أسعدني كثيرا حبه وتقبله للأمر دون معارضة، ربما  أرى فيه بسمة أمل لمستقبل وجيل أخر، أسأل الله أن يكون أفضل منا وأشجع منا.

   طبعا بوادر التفاؤل قد تنعدم عند الكثيرين بهذا العام الذي أطل علينا في بدايته بنوع من الفتنة خاصة على صعيد مصر، للأسف تلكم إشارة قد تحبط نفوسنا، ولكنها إشارة لابد من أخذها بعين الاعتبار لأن وميضها  يعم كل أرجاء عالمنا الإسلامي بحكم ما يتكرر من أحداث مشابهة في أغلب السنوات الأخيرة من العقد الأول من القرن الواحد والعشرون؛ هذه إشارات لعلها توقظنا من سبات الغفلة حتى نكون على علم بمن هو عدونا الأول قبل أن نتبادل التهم مع بعضنا البعض ونترك لمن لهم المصلحة أن يسحبوا بساط العقلانية والحكمة من تحت أرجلنا، كل محطات التاريخ توضح أن الأحداث تعيد نفسها وتتكرر في مسرح عاري ومفضوح، فلنكن بقدر من الاتزان حتى نرى بعقولنا ما لا يمكن أن نراه بالعصبية والحمية، لأن هاته الأخيرة تعمي البصر والبصيرة.
أتمنى أن نكون في مستوى ما يدعو إليه الإسلام من السلام والمحبة والأخوة والتسامح ومكارم الأخلاق التي نادى بها محمد صل الله عليه وسلم، وأن يكون المسيحيون في مستوى ما يدعو إليه دينهم من المحبة التي جاء من أجلها السيد المسيح عليه الصلاة والسلام؛ أرجو أن يكون هذا العام عاما نجسد فيه معنى السلام وندحض عن فكرنا وذواتنا تلك النعرة العصبية التي تهدم أكثر مما تبني وتفرق أكثر مما توحد، وخاصة إن كان البلد يضم مختلف الطوائف والملل.
أجدني هنا أكثر أسفا من غيري على واقعنا ولكن لا أجد اللغة التي قد أعبر بها، أحيانا كثيرة تخونني العبارة وتضيق لغتي عن إعطاء وصف يرقى إلى مستوى قرائي؛ لهذا كنت في هذه الأيام ألتزمت الصمت لم أجد أي فعل يناسب هذه المواقف إلا الصمت، أو ربما لأننا تعلمنا الصمت ورضعناه مع حليب الأم، كلنا يعلم أننا أمة الصمت لأن أنظمتنا أرضعته لنا، وبوسائل النصح المتنوعة التي تمتلكها قالت: "سيروا جنب الحائط، وحذاري!".
أرجو أن نقف وقفة تأمل في عامنا الذي مضى، ونكون على وعي أننا قد لا ندرك العام الموالي؛ وأجد فرصة هنا أبوح فيها بخاطر جال في نفسي في نهاية سنة 1431هجرية عندما لاحظت أن الموت حصد أرواح كثير من  الناس الذين أعرفهم أو من آبائهم وأبنائهم، قلت: ربما هو تصفية لأولئك الذين انتهت آجالهم في هذه السنة رغم اختلاف أعمارهم، لكن الذي أدركته أن اختلاف الأعمار لا يهم لأن الموت واحد ولا يتعدد- اختلفت الأعمار والموت واحد- قد تبدو المسألة عادية ولكن تتغير نظرة كل واحد للأمر وخاصة أن بين كل جنازة وأخرى مدة لا تتجاوز أسبوعا أو أقل بكثير أحيانا؛ أحقا هي تصفية لكل الأرواح التي لم يقدّر لها أن يدخل عليها العام الجديد وهي تسكن ظلمة الجسد، فينقلها ملك الموت هي وجسدها إلى ظلمة القبر الموحشة، فتصعد الروح إلى السماء ويتلاشى الجسد في التراب إلى أجل قدر في علم الله؛ ربما! ولكن ما أراه واضحا لي أنها إشارة لنا نحن الذين مازلنا ننعم بالحياة ونمرح بها ونلقي اللوم على كل واحد منا إن أُصبنا في عقر دارنا، رغم أن الأمر واضح وبيّن... هي إذا إشارة بليغة حتى نسوي وضعيتنا وعلاقتنا مع الله تعالى، ونترك عبادة إله هوانا الذي أضلنا عن الذكر؛ يبدو أننا تأخرنا كثيرا عن تزكية نفوسنا وتراكمت حصوات الذنوب صغيرها وكبيرها فلم ننتبه إليها وقد صارت بحجم جبل شاهق فقست قلوبنا لدرجة أن الجنائز صارت عادة ولم نعد نستشعر تلك الرسائل التي يبعث بها الله؛ يقف الناس على شفير القبر ثم يدفنون الميت بطريقة ميكانيكية اعتادوا عليها، أين هي العبرة والعظة من الموت؟ لا شيء يذكر... فلنستغفر الله، فلن ينصر الله أمة لا تستغفره.

 ملحوظة:

بهذا الموضوع المتواضع أكون قد أجبت أو حاولت أن أجيب عن واجب الأخت الكريمة ولاء أبو غندر (العام الهجري) الذي كانت أرسلته لي مند مدة قريبة، وقد تأخرت شيئا ما، ولكن شاء الله أن أجيب اليوم عن بعض من هذه الأسئلة وقد أدمجت الإجابات في هذا الموضوع عن الأسئلة التالية:


         ● عندمـا تقف على 1431 هـ .. وتنظر الى مامضى منها .... ماهــو شعــورك ؟
         ● انجازات وأهداف حققتها في عام 1431 هـ ؟
         ● صفِ عام 1431 هـ في كلمات.
         ● رؤيتك واهدافك للعام الجديد 1432 هـ.
         ● كلمة أو موعظة تشارك بها الجميع في هذا العام.
         ● أمور ترغب في اصلاحها في عام 1432 هـ .
         ● هل من انجازات تود عملها للأمة الاسلامية؟ وكيف ومتى ؟ ولماذا؟


أبو حسام الدين

Join me on Facebook Follow me on Twitter Email me Email me Email me Email me

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة