الوصف

صمتك يقاتلني


صمتٌ يقاتلنِي بسُيوف الانتظار
بدقائق الزمن العابر على ربى نفسي
كخيول المَغول تقتحم بغداد
حوافرها تمحُو معالم الانتماء...
ماذا تبقى لي..؟
غير حطام أوقاتٍ
وقفت فيها مسمّرا أمام لحظيكِ
أتجرع الحسرات في خضم عيون حوراء
أبكي بلا دموع على خيبة أوهامي،
على غبائي حين كنت أنسج الأوهامَ
بخيوط عنكبوتيّه رقيقة،
لا تتقن أن تمسك إلا بالسراب
تنشئ لي مدنا من وهم،
وجنة ومن وهم،
و نعيما من الأوهام.
أملي مصلوبٌ على شفتيكِ...
هجير الصمت يلفح ايهابه الغض...
رمضاءُ نظراتكِ تحرق وجنتيه
لهيب الصمت يزيد اشتعالا
أما آن لمطر البوح أن ينزل زلالا؟

تاهت أشواقي في سَبْسَبِ صمتك الممتد
وفي كل نظرة يغشى عيني شبح السراب
أمشي إليك بخطى أثقلها الإجهاد،
ظمئت... ظمئت...
أما آن لمطر البوح أن ينزل؟

وقفت في عتبات صمتكِ
أمارس طقوس الانتظار
أحرق الأبخرة
أنطق طلاسم السحر البابلية، منذ عهد هاروت وماروت
أسافر إلى زمن المجنون وليلى...
تعلمت أبجديات الحبِّ،
ولم أتعلم فكّ رموز الصمت، المطل من شرفة بهائكِ.
خيبتي... لا شيء يجدي
خيبتي لا شيء يذيب الصّمت القابع فيكِ،
كجليد لا تنفع معه حمم النار
كحديدٍ صعب الانصهار.
أما آن لساعة البوح أن تعلن الانفجار؟؟

صُراخ أخرس، منبعث مني،
في مشهد الصمت الحقير...
من ظلم مدنكِ الصامتة كالقبور.
فما أصعب صمتك... كالجمار
بل كمرجل يوقد على نار
أطلقي صراح الكلام
وانزعي الأغلال
هذا زمن القول،
وليس للصّمتِ في الشعر مكان.

أبو حسام الدين

ألست تنساها؟


ألست تنساها يا قلبي..ألست تنساها؟

هي في مراعيك تحيا

 في مراعيك ممشاها

ظالمة حوراء

آه..! آهٍ عليك يا قلبي ما أقساها!

اتخذت من نسيم الرّبى أنفاسها

صورتها... كلماتها 

لحّنها بلبل، ثم غناها

في ذاكرة حبك فتاة.. سبحان من سوّاها

ثقلت بالحسن حتى صار الحُسن محياها


ألست تنساها يا قلبي.. ألست تنساها؟

بسمتها... ضحكتها...

يتعذب الشوق حين تشتهيها

تدور يا قلبي في فلكها

تدور يا قلبي، كأنها الشمس وأنت جرم في مجراها

وحين تسألني يا قلبي

متى يجودُ الزمان فأراها؟

فأجيبك ألست تنساها يا قلبي.. ألست تنساها؟

أكتب بدمك خاتمة

واعلن أنّك طلقت ذكراها

وعِشْ قدرك يا قلبي

وادخل مدن النسيان وانسَ هواها.

أبو حسام الدين

مناجاة وتجليات

يا من لا تدركه الأبصار، ولا تحويه الأقطار! إن تجليت كنت نورا في مرآة قلبي! 
وهل لتجلياتك أثر والنفس ملئت بالكدر؟  
مرآة قلبي ملئت بالصدأ من يزيل عنها الصدأ غير ذكرك، وفي ذكرك أنوار الشهود، وإن تكشفت الحجب بان النور وتلألأ ..
قد ينجلي الكدر وتصفو المرآة، وتتزكى النفس وترتقي إلى مقام الصفا، فتسافر على معراجها نحو حضرتك. ولكن كيف لي أن أطيق تجلياتك، كيف أطيقها الأن ولم يطقها الجبل وقد صعق موسى..!(1)
 
يا من له الأشواق روحي فنيت في هواك، أفي الوجود سواك؟ لا وعزتك فأنت الحق.
شوقي لذاك المقام حين يزج بي في الأنوار وأفنى عن كل شيء إلا سواك ...فصفاتك في الوجود ظاهرة وأسمائك الحسنى بارزة لكل ذي عين بصيرة.

يا من لا تدركه الأبصار انتشلني من وحل المادة واغسلني بماء نورك، فأنت نور السموات والأرض ومشكاة القلب تكاد تنطفئ، ألهمها قبسا من نورك... ففي بعدي عنك لا أكون غير طين وتراب، أو كهيكل فارغ من نفحة الروح، وفي قربك تسمو الروح وتعرج، تنجذب نحو حضرتك المقدسة تفارق ظلمة رسمي، و شمس نورك  تعتقني من رق العبودية لغيرك، سبحانك لا معبود سواك.

تجذب الروح الهياكل  للصفا  أعلى المنازل
إن أداروا الراح صرفا   أسكرت عال وسافل.(2)

يا إلهي: انجذابي نحوك إحسان ودنو وتقريب ، وانجذابي للرسمي وجسدي بعد وانحطاط وتغريب.
فيا من لا تدركه الأبصار قلبي يدركك و لم يعد للأغيار فيه مكان.
سبحانك..
أبو حسام الدين

(1)  قال تعالى: ( فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا ). سورة الأعراف آية 143.

(2) البيتين من الثرات الصوفي

يوم يعود كل عام


     عدت يا يوم مولدي، عدت بأنفاس الصبا، بعطر الطفولة وبراءتها، عدت بجميل الذكرى، بالفرح،  بالكآبة، بكل ألوان الماضي الطيفية، وبأبيضها وأسودها... ولكنك يا يوم مولدي لم تجدنيْ كما عهدتني، لم تجدنيْ كما وعدتك منذ بدأت أقارن بين السماء والأرض ومنذ عرفت أن السّلم  نبدأ الصعود فيه من أسفل، فلا تلمني يا يوم مولدي، فلا تلمني.
لا تسألني عن مرح الصبا أين هو، فكل سنة تعود فيها تأخذ منه شيئا حتى لم يبقَ لي منه غير ذكرى جميلة، أخفيها في المكان الذي أخبئ فيه أحرفي، فلا تعاتبني.
إن عدتَ السنة القادمة فقدر موقفي  فأنت تعلم أن الزمان له أحوال، ودوام الحال من المحال.
فإن عدت وكتبت لك العودة فأنا على موعد معك، وأما إن لم تجدني، فأعلم أني سبقتك إلى هناك، حيث لا صغر ولا كبر... وسامحني ولا تؤاخذني، وكن دوما لمن سيذكرني يوما لطيفا حتى تبقى بعدي ذكرى على مر الزمان.

     التاسع من شهر أكتوبر يوم أكمل به السنة الثانية والثلاثين، إنه يوم يضيف عددا إلى تلك الأعداد التي أحسب بها عمري... كما أنه يوم ينقص من المدة التي أعيشها في الحياة... العمر هو الشيء الوحيد الذي زيادته نقصان...
 كلام اليوم هو عبارة عن فيض من مشاعر فاضت بقدوم هذا اليوم الذي يغيب عني سنة ثم يعود ليطل علي وكأنه يقول لي تذكر و أنظر كم عمّرت في هذه الحياة وأنظر ما بقي لك.
 قد يستقبل كل واحد ذكرى مولده بطريقته، أما أنا فأراها بشكل مختلف أراها حلقة أفقدها من سلسلة حياتي، ولن تعود أبد، ولن يعود العمر إلى الخلف لن يعود...

اكتمل البدر...
ولم يعدْ
في لجة هذا البحر، أبحر أمس
تاركاً في تختي ألف سؤال...
هل يعود؟

من مخبري عن حبيب
في أفق هذا المحيط غاب
وأنا على لهب تكويني الجمار
ترى هل يعود؟

أسمع الردّ صمتاً...
ورجع الموج يحكي عن غيلان البحار
...عن السفن التي سكنت القاع
فكان القرار
يروي عن السندباد... 
وما لقي من أهوال
طاف أبعد البحار.
أما يعود حبيبي كما يعود السندباد من الأسفار
هيهات أن يعود
في الأفق جحيمٌ...
وقصف رعود
فكيف يعود ؟



مع تحياتي لكل الأصدقاء والزوار،               
وأتمنى لكم الصحة والسعادة، ورضا الرحمن.          

أبو حسام الدين

Join me on Facebook Follow me on Twitter Email me Email me Email me Email me

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة