الوصف

العلامة محمد المختار السوسي

رأيت من الحيف والجور أن نكون أجهل الناس بعلمائنا، و أدبائنا في بلاد المغرب، خاصة الذين تركوا تروة علمية لا يستهان بـها في ميادين مختلفة... فرأيت أنه لزام علي أن أتحدث ولو بقليل من الكلام عن أحد رجالات سوس وعلمائها، بل و شعرائها ممن ألفوا في الأدب والتاريخ ولهم أبحات كثيرة ، بالإضافة إلى مساهماتهم في مقاومة المستعمر الفرنسي...
ولد الأستاذ العامل، محمد المختار ابن علي بن أحمد السوسي الإلغي الدرقاوي، الملقب برضا 
الله في (إلغ) ، وهي قرية بناحية تازروالت في أقصى جنوب القطر السوسي بجنوب المغرب، وذلك في شهر صفر عام 1318هـ ونشأ بـها، وحين بلغ سن الإدراك اتجه إلى الدراسة الأولية لتعلم الكتابة والقراءة، واستظهار كتاب الله العزيز على عدة معلمين، فحفظ القرآن الكريم وأشهر المتون الفقهية واللغوية، على يد فقيه قرية (إلغ) الشيخ عبد الله بن محمد، ثم على يد العلامة الطاهر الإفراني، ثم الشيخ عبد القادر السباعي.
درس بجامعة ابن يوسف بمراكش في سنة هـ 1338/1919م.
ثم بجامعة القرويين بفاس سنة هـ 1340/1923 م، حيث أخذ عن الشيخ محمد بن العربي العلوي.
كان له دور في تأسيس الحركة الوطنية مع مجموعة من زملائه،  أمثال:  الزعيم علال الفاسي،و الشيخ عبد العزيز بن إدريس، و الشيخ محمد الحمداوي وغيرهم...
عند إلتحاقه بالرباط، في سنة 1347 هـ حوالي 1928م التقى بالشيخين شعيب الدكالي،
و المدني بن الحسني وأخذ عنهما.
واشتغل بتدريس الحديث والفقه، والأصول، والمنطق، والأدب، إلى أن انتقل إلى مراكش ودرس بالزاوية الدرقاوية بباب دكالة. في هذه الفترة تضايق منه الفرنسيين لنشاطه الوطني، فنفوه إلى إلغ مسقط رأسه، فدام فيه مدة سبع سنوات، ثم سمح له بالعودة إلى مراكش سنة 1365هـ حوالي سنة 1945م، ولكنهم نفوه للمرة الثانية إلى الدار البيضاء، ورغم ذلك فقد عمل هناك كذلك بالحقل الوطني مع صديقه الشيخ محمد الحمداوي.
تتلمذ عليه بعض الشباب منهم:  الشيخ عبد الكريم مطيع، والذي كان عمره انذاك في السادسة عشر. ثم نفي مع زميله الشيخ محمد الحمداوي  إلى ( أغبالونكردوس) في الصحراء، فدرّس هناك اللغة العربية لبعض المنفيين من الوطنيين.

وفي سنة 1955 م عاد إلى الدار البيضاء بعد الإفراج عنه.
حاول العلامة محمد المختار السوسي، أن يُعرف بمنطقة سوس، حيث كانت ولا تزال تزخر بالعديد من المدارس القرآنية والعلمية، وقد تخرج منها علماء كثيرون... وتسمى هذه المدارس باسم:  المدارس العتيقة لكون التعليم فيها يعتمد على الطريقة التقليدية. وقد جمع عالمنا الجليل، مخطوطات كثيرة كان قد اكتشفها في المكتبات المغربية، فأعتمد عليها في مؤلفاته الزاخرة للتعريف بعلماء سوس، ومدارسها، وتقاليدها ...
قيل له يوما: (ترجمت لكل عالم و فاضل في إقليم سوس، و لكنك أغفلت نفسك، و لماذا لم تضع لحياتك ترجمة؟)  أجاب الأستاذ على الفور: (هذا العمل كله إنما هو ترجمة نفسي و قصة حياتي).
كلمة حق قالها، فكم من رجل يُعرف من إنتاجه الفكري، والأدبي... ثم إن العناء الذي يحمله في البحت، والجمع والتأليف، طوال مدة حياته يعتبر بمثابة سيرة ذاتية.
الحقيقة أني وجدت الكثير ممن أعرفهم، يعرفون اسم عالمنا معرفة لا تتجاوز الاسم، أما عن مسيرته العلمية والأدبية، وحياته... فتلك أمور لا يدركون منها شيئا. وقد يقول قائل وبماذا تفيدني معرفته؟
قد اعتمد الأستاذ على إرث الأقدمين، ونقحه وبينه، وهذا العمل دليل على تشبثه المتين بالتراث الأمازيغي والعربي، والحقيقة أن ما يفيدنا من معرفة شخصه، هو تجربته التي جمعت بين النضال الوطني من جهة، والنضال العلمي من جهة أخرى. كما أن المرء لا يمكن له أن ينفصل عن ماضيه وتاريخه، إن أراد أن ينظر إلى أفاقه المستقبلية بنظرة واعية استوفت إدراكا تاما بتجارب السابقين.

نذكر من أشعار العلامة بعض الأبيات من قصيدة تجاوزت 190 بيتا، كان قد نظمها في منفاه، وجسد فيها معاناته وشوقه لبلدته وأهله، فيقول في نهاية القصيدة :
ليت شعري وقد بداالصبـح للعيـ***ـنين هل ذاك القــرار يزول؟
فأرى نضرة الحياة لـــدى (الحمـ***ـراء)أيضا حيث المنى والسول
فاشتياقي إلى مرابعهـــــا مثـ***ـل قصيدي هذا، طويل طويـل
ويقول وهو متأثر بالغربة، وتقلب الأيام :
أرأيت الأيام كيف تــــدول***والليالي بالسهد كيف تطول؟
ويد الدهر كيف تلعب بالـح***ـر؛ طلوع طورا؛ وطور نزول
بينما المرء في شروق صباحـا***إذ به في المساء عاد الأفـول
فكان الفتى على منجنــــون***جائل عليه لم يزل عليه يجول
ينتحي بالأحداث أرسخ ما كا***ن فتجتث من ثراه الأصـــول

   ترك العلامة محمد المختار السوسي، إرثا فكريا، وفقهيا وأدبيا وتاريخيا، منه ما طبع ومنه ما بقي مخطوطا:
- " المعسول في الإلغيين وأساتذتهم وتلامذتهم في العلم والتصوف وأصدقائهم وكل من إليهم." في نحو 8000 صفحة في 20 جزءا صدرت تباعا عن 3 مطابع ما بين سنة 1960 و1963 وهو موسوعة تراجم لنحو 4000 من العلماء والفقهاء والأدباء والرؤساء.
 - "خلال جزولة " في أربعة أجزاء وهو وصف لأربع رحلات علمية في المناطق السوسية مليئة بالفوائد العلمية والأدبية والتاريخية ، مطبوع .
 - " الإلغيات " في 3 أجزاء تضمن مذكراته خلال نفيه إلى مسقط رأسه ، والكتاب حافل بالأدبيات شعرا ونثرا والمناقشات العلمية      والأدبية والتاريخية والفوائد الاجتماعية ، مطبوع .
 - " سوس العالمة " بمثابة مقدمة لموسوعة المعسول اشتمل نظرة عامة على العلم العربي وأعلامه ومؤسساته في منطقة سوس طبع مرتين .
 - " إيليغ قديما وحديثا " تاريخ إمارة أسستها أسرة شريفة في قلب جبال جزولة السوسية منذ القرن 11 الهجري طبع مرتين بالمطبعة الملكية .

- " معتقل الصحراء " يشمل مذكرات المعتقل الصحراوي إثر النفي الثاني وفيه نبذة من نشاط النخبة السياسية المغربية في المنفى طبع جزؤه الأول .
 - " رجالات العلم العربي في سوس " إحصاء للعلماء والأدباء السوسيين النابغين منذ القرن الخامس الهجري وحتى زمن التأليف وهم حوالي2000 وهو مطبوع .
 - "حول مائدة الغذاء " تقييد للروايات الشفوية لأحد رجالات البلاط السلطاني في أوائل القرن الرابع عشر الهجري في جزء واحد مطبوع.
 - " من أفواه الرجال " تسجيل للروايات الشفوية لمريدي الزاوية الدرقاوية عن الشيخ علي بن أحمد الدرقاوي في 10 أجزاء .
 - " مترعات الكؤوس في آثار طائفة من أدباء سوس" مخطوط في ثلاثة أجزاء تضمن تراجم مئة أديب سوسي نبغوا منذ القرن العاشر الهجري ألفه السوسي لسد الخلل الذي ظهر في كتاب النبوغ المغربي لعبد الله كنون حينما أهمل التعريف بأدباء سوس خاصة .
 - ترجمة الأربعين حديثا النووية إلى الأمازيغية السوسية ، مخطوط .
 - ترجمة الأنوار السنية إلى الأمازيغية السوسية، مخطوط
 - أمثال الشلحيين وحكمهم نظما ونثرا ، تضمن حكم الأمازيغ السوسيين بلسانهم ، مخطوط .
 - " بين الجمود والميع " بناء قصصي تضمن تحليل التيارات الفكرية بالمغرب في عهد الحماية وإبان الاستقلال من خلال أربعة إخوة أحدهما صوفي والآخر علماني الفكر والثالث نفعي يتبع هواه والرابع نموذج للإنسان المسلم السوي ، نشرت في حلقات بمجلة دعوة الحق
 - " من الحمراء إلى إلغ " وصف رحلة قام بها من مراكش إلى مسقط رأسه صحبة بعض تلامذته ، رقنها وأعدها للطبع ابن أخيه المرحوم الأستاذ عبد الله درقاوي .
 - " قطائف اللطائف " نوادر وحكايات سوسية ، مخطوطة .
 - " المجموعة الفقهية في الفتاوي السوسية " مجموعة من فتاوى الفقهاء السوسيين ، مطبوعة بإعداد وتعليق ابن أخيه الأستاذ عبد الله درقاوي .
 - 90 حلقة من برنامج وعظي باللسان الأمازيغي السوسي أذيعت من الإذاعة المركزية بالرباط في أوائل سنوات الستين .


روبط لتحميل 12 جزء من كتاب المعسول

http://www.archive.org/download/LastMen/00.pdf
http://www.archive.org/download/LastMen/01.pdf
http://www.archive.org/download/LastMen/02.pd
http://www.archive.org/download/LastMen/03.pdf
http://www.archive.org/download/LastMen/05.pdf
http://www.archive.org/download/LastMen/06.pdf
http://www.archive.org/download/LastMen/07.pdf
http://www.archive.org/download/lastmeninsouth/08.pdf
http://www.archive.org/download/lastmeninsouth/09.pdf
http://www.archive.org/download/sousi_501/10.pdf
http://www.archive.org/download/sousi_501/11.pdf
http://www.archive.org/download/sousi_501/12.pdf

روابط لتحميل كتاب خلال جزولة

http://www.archive.org/download/khilal_gzoula/KHILALGZOULA-00.pdf
http://www.archive.org/download/khilal_gzoula/KHILALGZOULA-01.pdf
http://www.archive.org/download/khilal_gzoula/KHILALGZOULA-02.pdf 
http://www.archive.org/download/khilal_gzoula/KHILALGZOULA-03.pdf

--------------------------
المعلومات نقلتها من مواقع متفرقة مع بعض التعديلات



أذكرني



اذكرني واذكر

العهد الذي مضى

اذكرني لمن في الأمر تمارى

أخبريه يا جبال عن الصبى

عن عهد أغمض جفنيه وولّى

أخبريه كلما الأطيارغنت

والصبابة اشقت وحنت

أخبريه كلما الليل تجلى

والأحلام ارتخت...

وكلما الفجر بتذكار أطل

أخبريه أن كروم العنب

يئست الفراق

والبعد ملّت

وأشجار اللوز وأركان(1) لإبن الأطلس حنت

فيا جميل لي فيك ذكرى

وحبيب في مهدك جفاني

نسي ودي واستباح نسياني

ساله ياجميل لما نساني...؟؟!


-----------------------------------------
(1) أركان: تكتب الكلمة بثلاث نقط فوق الكاف لتنطق "ARGAN" وهذا اسم أمازيغي  لشجر يوجد في جنوب المغرب وبالأخص منطقة سوس التي أنتمي لها، يستخرج من ثماره زيت فيه فوائد كثيرة. لمعرفة المزيد أنظر هنا


مرت أيام




مرت أيام كنت أرسل فيها الطرف نحو السماء

علّ الحظ يبتسم

و تنجلي كآبتي السوداء

مرت أيام ما جئتني في حلم ليلي

ما زارني طيفك في عتمة المساء

فأين أنت؟

أُرسل الطرف نحو العلا

فأين أنت؟

أفي زرقة السماء؟

أفي النجيمات التي أرمقها حين يضمها العشاء

أم أنك حول نار المدفئة حين نصنع الخيال من الأساطير

مستمتعين بنسيج الجدة للحكايات الشعبية

و بلمسات الدفء التي تحمينا من قسوة الشتاء

أفي تنفس الصبح أنت ؟

أفي إطلالة النور على الأحياء؟

أفي بكور الشمس

عندما تسكب على التلال الضياء.


إن كنت الجو الماطر

إن كنت الأنواء

فعودي صحوا

أدخليني زمن الحب

زمن اللقاء

أناديك أناديك

ملء الأرض ... ملء السماء

أناديك يا مأساتي

ويا قدري ونصيبي في عالم النساء

أناديك حين يرسم الليل معاناتي

و تسكب عيني على المخدة زخات دمعي

ويتلاشى في السكون النداء.


مرت أيام... أتذكرها

وكأني أتتبع بقايا المسير

وأثر الركب الراحل على رمال الصحراء

هنا أقاموا

فإلى أين رحلوا

هذا رسم الدار

هذه أطلالهم

هنا كانوا

واليوم قد ذهبوا.


أتذكر وفي بعض التذكر شدة وعناء

فأين أنت؟

ذبل خاطري كالوردة

جفت روابيه كما تجف الأشياء

لكن ... ودونما يأس

أزرع خلسة بذور الأمل

كلما أوشك على الانتهاء.

مرت أيام منطفئ نورها

شمسها كانت تغيب عندما لا أراك

تنسحب خجولة صفراء.

كنت أنشد للشمس الغاربة مرثيتي

وأنت... لك مني عند كل مغيب رثاء.



أتـــطـلب لـيلى


بديعة حسن لو بدا نور وجههــــــا * إلى أكمه أضحى يرى كــــــل ذرة 

تحلت بأنواع الجمال بأسرهــــــــا * فهام بها أهل الهوى حيث حلـــــت 

وحلّت عرى صبرى عليها صبابة * فأصبحت لا أرضى بصفوة عروة 

ومن ذا من العشاق يبلغ في الهوى * مرامي فيها أو يحاول رتبتـــــــــي

وبي من هواها ما لو ألقى في لظى * لذابت لظى منه بأضعف زفرتـــي

وبالبحرِ لو يلقى لأصبح يابســــــا * والشم دُكت والسحاب لجفــــــــــتِ

ذهلت بها عني فلم أر غيرهـــــــا * وهمت بها وجْدا بأول نظــــــــــرةِ

ولما أزل مستطلعا شمس وجههــا * إلى أن تراءت من مطالع صورتي 

فغاب جميعي في لطافة حسنهـــا * لأن كنت مشغوفا بها قبل نشأتـــــي 

فدعْ عاذلي فيها الملام فإنمـــــــا * عذابي بها عذْب وناري جنتــــــــي

الشيخ محمد الحراق


هذه الأبيات هي من الجزءالاول من القصيدة المسماة تائية السلوك و هو مدخل غزلي كما جرت عليه عادة العرب في الشعر و قد تكون دلالاته أعمق من الإشارة إلى مجرد الأم أو الزوجة أو الحبيبة إلى الإشارة إلى الرحمة اللإهية في الكون ككل إلا أن حضور الأنثى في مثل هذه الأبيات الصوفية يوحي بمكانة المرأة القوية في هذه الثقافة التي تسمح باستخدامها للدلالة على معاني مهمة و عميقة.

ذكرى وحنين فقط.




لا يذكر المرء من طفولته الكثير غير بعض الصور الطفيفة التي قد تلازم مخيلته طوال حياته. والحقيقة أني كثيرا ما اختلي بنفسي متأملا في طفولتي الباكرة، وفي حياة يا للعجب بدأتها ولم أدرك منها إلا الشيء القليل! وفي ماضٍ لا أدري أهرب مني أم هربت منه..!؟ أتركني أم تركته..!؟ كل ما في الأمر أننا تفارقنا فراقا لا لقاء بعده...
أرغم تفكيري من حين إلى حين ليصنع لي شريطا يكون مرجعا لطفولتي بين جبال الأطلس المتوسط حيث كانت لي أول صرخة في هذه الدنيا وأول إستنشاقة هواء دخلت بها الحياة ... أخربش في بقايا الماضي وكل ما عساه  يساعدني على التذكر والاستلهام. فتلك الطفولة هي أطول فترة قضيتها في مسقط رأسي... طبعا زرته مرات لكن زيارتي كانت مرورا ولم تكن استقرارا، وهي كل ما أملك من بقايا حياة أمازيغية محضة.
كلما وقفت في مكان له ذكرى في نفسي تسمرت وأخذتني سهوة وخيم علي صمت كأني جامد كالصخر ...إنها لحظات حنين أعيشها أتبرك بها قبل أن تحل علي لعنة النسيان ... يدغدغ شعوري منظر زهر اللوز وشجيراته المخضرة الأوراق و النحيفة الأغصان المثناترة هنا وهناك في حقول بسيطة متناسقة تشبه المدرجات... وسلسلة من الجبال تحوم حول المنطقة كأنها حاجز كبير يخفي ورائه عالما أخر... عالما قد تخيلته وأنا في عمر البرعم أنه النهاية، تماما كالبحر الأطلسي أو بحر الظلمات قبل اكتشافه ، لم أكن أدرك أن العالم أوسع وأرحب من أن يختزل في ما كنت أشاهده كل يوم.
... حين تحل العشية أذكر أني كنت أقف فوق صخرة عالية أشاهد قافلة من الدواب تمشي بقوائم بطيئة وعلى ظهورها أوعية من الماء وتتبعها نسوة وفتيات يُسمع لهن ضحك وقهقهة و قد رجعن بعد أن ملأن قرابهن وأوعيتهن بالماء... صورة لا زلت أستحضرها وأنفق الوقت في تأملها خاصة وأن الوضع تغير الآن، فلم يعد كما كان، فالماء الذي كان يحمل على الدواب أصبح اليوم يمر في أنابيب معدنية إلى أن يصل إلى كل منزل.
لا أنسى يوم الخميس ... كان يوم فرحة للأطفال وهم ينتظرون بفارغ الصبر عودة الأباء من السوق لينالوا بعض الحلوة منهم.
كنا حين يخيم الليل ويرخي أستاره المظلمة نحوم حول عجوز لتحكي لنا الأسطورة الأمازيغية..! أسطورة " أحمد أونامير" جالسين بوقار مستضيئين بضوء القمر وكأن على رؤوسنا الطير، سائحين مع سرد العجوز وكلنا أذان صاغية... نرسم الخيال مع حكايات مستوحاة من الثقافة الشعبية، كانت ممتعة رغم أن أغلبها مخيف، لكننا جربنا أن يكون للخوف أيضا متعته.
كانت حياة تبعث على الاطمئنان والسكينة ، حياة رغم بساطتها كبيرة ، حياة لم يعكر صفوها التصنع ، حياة لا أقول بدائية بل فطرية تعني الكثير لي صارت ذكرى أخذها الماضي بين جوانحه. لم أكن أعرف وأنا طفل أني سأقف يوما على أطلال طفولتي وأشم رائحة النبات البري التي تكسبني نشوة الحنين، تغذي ذكرياتي.. حين كنت أرافق أمي لجمع الحشيش لتقدمه وجبة للبهائم... لم أكن أعرف أني سأطيل النظر في تراب خطوت عليه بنعلي الأصفر الصغير، ولم أكن أعرف أن طفولتي ستصبح  ذكرى أشاهد طبفها كلما سافرت إلى مسقط رأسي.
كل شيء تغير اليوم..! رغم الكهرباء والماء اللذان زودت بهما المنازل وغير ذلك من التكنولوجيا التي لم تكن من قبل ولم يكن أغلب أهل الدوار بعلم بها بإستتناء المذياع الذي كان الأنيس لمعظمهم، لكن رغم هذا هناك أشياء إفتقدتها في هذه الحياة ..! أشياء أحسها بإحساسي ولا يمكن تحديدها ... ربما يكون إنجذابا الى الماضي ، أو ربما هي ذكرى وحنين...ذكرى وحنين فقط .

أبو حسام الدين

أشجان سندبادية


أقرع من البعاد

أوتار الأحزان

أكتب حديث عاشق

يجثو، تحت شرفة بنت السلطان

منذ أبحرت

تقاذفني الموج بين الشطآن

طير عصفت به الريح

في التيه رمته

لا عش يأويه

لا غصن عليه يستريح.



يكتب السندباد الشوق

يكتب الأشجان

يبعثر في دفاتر ملئت بالغبار

عض حواشيها طيف الزمان

بللها السندباد بدمعه المنساب

في خاطره

في قعر أعماقه

أمل يدنو بإقتراب



يرسم السندباد غربته

يختزل الأشجان

يذكر الحبيب

فيسقي ذبالة الزهر العطشان...

متى يهدأ البحر؟

متى تستقر الأنواء؟

السندباد للشوق استبان

حن لعيون كان في خضمها المجداف و الملاح

أيكة في ظلالها يتفيأ... يرتاح

يقطف نواوير همسها

و يحتسي قطرة ندى كل صباح.



يذكر السندباد دفء الحضن

جحيم الفراق

سلسبيلا كان يراق

قبلة فتاة بأرض العراق

يذكر السندباد و يذكر

لم يُبقِ له الزمان غير لظى الأشواق.



رشيد أمديون/أبوحسام الدين




سؤالات في زمن الضياع..!


لماذا الحياة تقسو علينا ؟ نأتي لها صغارا ونكبر ويكبر معنا الأسى...
لماذا برئت منا الحياة... ؟ رسبنا في قاع بحرها كسفينة قديمة غرقت منذ قرن...
لماذا السماء عابسة، والشمس كاسفة ؟ الا نستحق بسمة كنجمة نرقبها في حياتنا ؟
لماذا البدر يرثي حالنا، والليل يبكينا... ؟!!
لماذا نكرر أخطائنا ؟ ألا نملك التجربة الكاملة ؟ أه...نكاد ننسى أننا متخلفون عن الركب...!


لماذا لا نستخدم عقولنا ؟ أم أننا لا نملك عقول ؟! أم أن التفكير صار عملة في سوق سوداء
لماذا نأكل ولا نشبع، وإذا شبعنا ننام..؟ أفي النوم راحة... أم أن الفوز للنيام؟
لماذا نحن غثاء يجرفه السيل ؟... أسماء بشر متنتا تر... غرباء في دياجر...
لماذا يبيت الصمت في أكنافنا ؟ لماذا نرعاه ونتبناه شعارا في كل قضايانا ؟
لماذا نحن كلمات في دفتر الخيانة، وكلمات في دفتر الخداع ؟ وعنوانا لدفتر الخوف والذلة... !؟
لماذا لا نشبه فطرتنا الأولى، وشكلنا الأول ؟
لماذا لا نسأل أنفسنا أين نحن، وأين الطريق؟ ومن أين نبدأ وإلى أين نسير... !؟



أبو حسام الدين

بين القديم والحديت



إذا كان من اللازم أن نرصد حركة التاريخ فإننا نستنتج أن للتاريخ حركة دائمة، وحركة انتقالية مستمرة تتعاقب خلالها الأزمنة والأحقاب، وتظهر حضارات وتنمو وتتطور وتموت، وعندما تتخلى أمة عن حمل مشعل الحضارة تخلفها أخرى، فعندما كان العرب يحملون المشعل ويسيرون بالركب إلى الأمام عادوا فتخلفوا قروناً إلى الوراء بعد أن تخلو عن الأخذ بالأسباب ـ وانقطعوا عن التاريخ والطبيعة ـ فحلّت الخرافة محل التفكير العلمي وانحصر الإسلام في طقوس بعيداً عن الواقع ومجريات الأحداث السياسية وجفت ينابع الفكر فخمدت الثورة الفكرية والعلمية التي تأجج لهيبها خاصة في العصر العباسي، وقلت الكتابة الإبداعية فلم يعد يشغل الكاتب إلا أن يشرح تلخيص، أو ان يضع الحوشي...
أما القصيدة العربية فقد أثقل كاهلها بألوان من البديع والصنعة والتكليف. فكان الركود هو السمة الغالبة على الأدب بصفة عامة حتى سمي هذا العصر بعصر الركود.
وخلال القرن التاسع عشر الميلادي وبفعل التقاء العالَمين العربي والغربي اصطدم العرب بحضارة وصلت من الرقي والإزدهار ما وصلت فتبين أن المجتمع العربي غارق في وحلٍ من التخلف من جراء السبات الذي أصابه قرون عديدة. وعن طريق الإستعمار الغربي والحملات التبشيرية فاض الغرب بفنونه وعلومه التي اهتز لها الكيان العربي والإسلامي ولم يسلَم من تأثيرها أحد سلبا أم ايجابا، فأصبح كل شيءٍ موضع تساؤل:
ـــ ما قيمة أدبنا القديم؟
ـــ وما مدى صلاحية العربية لعصرنا ؟
ـــ ماذا نأخذ من الغرب وماذا نثرك ؟
أسفرت هذه اليقظة العنيفة إلى البحث عن جواب لهذه التساؤلات، فكانت الإجابات مختلفة، حيث ظهر تياران متناقضان
ــ تيار سلفي دعا إلى ضرورة العودة إلى المنابع الأولى للدين الإسلامي بهدف الإصلاح والنهوض بالمجتمع، والتشبث بالقديم في الحياة العامة وفي الأدب.
ــ وأما التيار الثاني فهو يدعو إلى إحتداء نموذج الحضارة الغربية والإنفصال عن الثرات والقديم بصفةٍ نهائية...
وبين هذا التيار وذاك ظهر ثالت حاول التوفيق بينهما وحاول أن يجسد مفهوم الأصالة والمعاصرة.
يقول الدكثور نجيب محمود: فانشعبنا ثلات فرق. مازالت بادية إلى يومنا هذا: ففريق منا آثر أن يعتصم بالثراث الماضي وحده وأن يغلق نوافذه دون العلم الحديث الوارد ألينا... وفريق آخر ذهب إلى النقيض الآخر وارتمى في أحضان العلم الوارد مغلقاً نوفذه دون ثراته، حتى كأن الواحد من هؤلاء لا يكاد يحسن قراءة العربية نفسها... وكلا الفريقين لا يضع لنا تقافة عربية معاصرة لأنه إذا كان الفريق الأول عربياً، فليس هو بالمعاصر، وإذا كان الفريق الثاني معاصراً فليس بالعربي، وإنما العسر هو ما تصدى له فريق ثالث، مازال يتحسس خطاه على الطريق بغية أن يصوغ ثقافة فيها علم الغرب، وفيها قيم التراث العربي جنباً إلى جنب...
ومن هذا التيار الفكري الثالت ظهرت في الساحة الأدبية نخبة من الشعراء تدعوا إلى إحياء الشعر العربي القديم فكان خطابهم خطاب البعث والإحياء.


                                                                    

الأدب








إذا أردنا معرفة معنى كلمة أدب فيستوجب علينا أن نرجع إلى العصور التي مر منها هذا اللفظ وعاش في كنفها كلفظ له مفهوم خاص يختلف من عصر إلى عصر حسب البيئة الثقافية والظروف الإجتماعية...من العصر الجاهلي، إلى الإسلامي مروراً بالعباسي، إلى أن استقر على مدلوله المعروف عندنا اليوم.
وقد كانت العرب تعني من لفظ كلمة الأدب الدعوة إلى الطعام أو المأدبة، والأدِب هو الداعي إلى مأدبة، أما اليوم فقد أخد مفهومين هما الأدب العام والخاص. فالأول يراد به المظاهر العامة للإنتاج العقلي لأمة من الأمم في سائر العلوم والفنون المكتوبة منها والمدخر في صفحات الكتب. أما الأدب الخاص فيراد به التجربة الخاصة التي أسفرت عن إبداع فني تتخلله الأفكار والعواطف والأخلية، وكلها عناصر تعبر عن خلجات النفس الإنسانية باللغة المتينة الرقيقة الجذابة التي تؤثر في النفوس ولا تمل الأعين من قراءتها والأذان من سماعها.
والأدب ليس ترتيبا ورصفاً للألفاظ وحشداً للكلمات فحسب، بل هو فن يجسّد الإنسان فيه أغلى ما يملك من خفايا صدره وما يؤمن به من تأملات فكره، فيكشف عن صور الحياة المتنوعة وتقلبات الأيام والليالي وأثرها الذي تخلفه في نفسه، كما يكشف الأديب من خلال الأدب عن حياة الأفراد والأمم وتقافاتهم.
لا يمكن للأدب أن يكتمل فنياً إن خلى من ثلاثة عناصر أساسية: الأفكار والأخلية والعواطف وتصدر من قوى الإنسان الأدبية: العقل والمخيلة والشعور وكلها تخضع للذوق السليم ويعبر عنها بكلام فصيح وأسلوب متين وقوي وذا جمالية، فالعقل هو الضابط الذي ينسق الأفكار ويوحد المضامين، ويرتب الفكرة التي تكون في البدية إشارات وأحاسيس تائهة القرار يُلبسها العقل لباس اللغة ويضبطها. ولهذا فبدون هذا العنصر فلن يستقيم المعنى وإنما ستكون ضرباً من ضلال ولا علاقة لها بالإبداع، لأن الحقيقة من أهم عناصر الجمال، والجميل لا يكتمل إلا بالحقيقة ولهذا فالأفكار لابد لها من الوضوح والدقة والقوة والعمق... أما المخيلة فهي العنصر الثاني في الإبداع الأدبي، فهي التي تجسد الخيال بالأساليب الإستعارية التي تمكن من تقريب الصورة وتحقيقها في الواقع لما تحمله من إيحاء.وقد عرف هذا العنصر تطوراً في العصور المتأخرة وخاصة في عهد النهضة حيث تأثر خلالها الأدب العربي بالأدب الغربي، وتجلى ذلك في شعراء المهجر أمثال جبران ومخائيل إلى أن جاء العصر الحديث فزاد نشاط هذا العنصر في جل الإبداعات الأدبية. أما الشعور فهو المنشيء للأحاسيس والعواطف وهو المكون للإنفعالات التي يكمن جمالها في صدقها وحسن التعبير عنها. أما الذوق فهو الذي يحكم التعبير الأدبي ويميز جميله ورديئه ويبين عيوبه من حيث المبنى. ومن صفات الذوق التّنبه والدّقة والإرهاف والإصابة،وكل هاته العناصر متقاربة ومتواصلة ومتمازجة أحياناً...


عذبة أنسامك






عذبة أنسامكِ  حين تتكلمين


كاللّحن مصفوف الوقع للسّامعين

تطريبٌ، كتطريب الطيرِ

في صبحٍ  وسيم

إن أنا تتبعتُ  خطوكِ

فلا تلومين

فأيّ  شيءٍ  ترى ذاك؟

هذا رسم خطاك، أنبت في الدّرب ياسمين

خطبَ الثرى ودّك،

وجُنّ من همس خطوكِ حين تمشين

أمَا علمتِي أنّك بين الضلوعِ

أضرمتِ الشوقَ و الحنين

وطموحًا لرؤية الجمالِ

في بهاك حين تغيبين.

رشيد أمديون


قصيدة الشيخ الأكبر إبن عربي: تحي إذا قتلت



تُحيي إذا قتلت باللحظِ ، منطقهـــا
كأنها عندما تُحيي به موســــــــى

توراتُها لوحُ ساقيها سـنـا ، وأنــا
أتلو وأدرسها كأنّني موســــــــــى

أًسقُفةٌ من ينات الروم عاطلـــــــة
ترى عليها من الأنوار ناموســـــا

و حشيّةٌ ما بها أُنسٌ قد اتّخــــــذتْ
في بيت خَلوتها للذكر ناوُســــــــا

قد أعجَزَتْ كلّ علاّمِ بملّتنــــــــــا
وداوُديّا، وحبراً ثمَّ قسِّيســـــــــــــا
 
إن أومأتْ تطلب الإنجيلَ تحسبُهَـا
أقسِّةٍ، أو بطاريقاً شماميســــــــــا

محي الدين ابن عربي

الشعر




الشعر كلام يُتّخذ لرسم الشعور الإنساني بالكلمات وإبداع لوحات رائعة تجسد معاناة الشاعر اتجاه حبيبته أو اتجاه واقعه السياسي. فالإنفعالات التي يحدتها الحنين والشوق سواءا نحوى الحبيب أو الوطن أو غير ذلك تمثل عناصر أساسية تساعد على إبداع أدبي رائع يخلق قصائدا تحمل نبرات رومانسية تعتمد أحيانا على الواقعية وعلى الخيال أحيانا أخرى . ولأن العواطف النبيلة أسمى ما عرفه الإنسان منذ إدراكه الأول فبها يلمس دفء حضن أمه ونبع حنانها، وبها يدرك دفء الكلمة الناعمة، وبها يتذوق حلاوة الحب وعذوبته. كما أن هذه المَلكة تجعل الإنسان عاشقا و تجعله صوفيا لا يرى أمامه إلا من يهوى ومن يحب، فينقطع في خلا واته يصوغ الكلمة الشاعرية ويترجم ما يعيشه في خلوة نفسه إلى لغة يستطيع من خلالها المتلقي أن يعي ويفهم حاله أو أن يتخل تجربته العشقية روحية كانت أو عاطفية، وكما يقول الشاعر نزار قباني : "الدرويش يهز جسده هزا عنيفا ليصل إلى مرحلة النرفانا ...والشاعر العاشق يهتز على إيقاعات شعره وموسيقى أشواقه، حتى يصير كوكبا يدور حول عيون حبيبته...لا تناقض بين العاشق والصوفي فكلاهما في أخر المطاف يتحول إلى جمرة مشتعلة في نار الحب الكبير."
وقد كان الشاعر قديما لسان القبيلة التي ينتمي لها فهو يدافع عنها بقوافيه ويعبر عن معانتها ويفخر بها في كثير من الأحيان، ولأنه ليس لكل واحد القدرة على التعبير عن مشاعره فإن الشاعر قد يعبر في قصائده عن تجربة مشتركة مع الأخرين ويقرع وثر الإحساس عند كثير من الأشخاص فيصبح شأنه هنا شأن شاعر القبيلة المتحدت عنها.
تشبه محاولة صياغة العواطف بقالب شعري رحلة مغترب في المجهول يطوف كل مجاهيل الأرض ويعود ليحدث قومه عن مغامراته البرية منها والبحرية فلا يجد غير القليل ممن يفهمون لغة نفسه وتجربته الخارقة فيعيش في غربة مستمرة وخلوة دائمة.



من أشعار إمام الحراق



أحـبتــنا إن الغرام أصــــــــابنــــي *  وغـيّـبَـني حتى تـحيرت فيكـــــــم

فإن رمت نوماً فارق النوم مـقلتــي * و إن رمت بسطاً خفَّ سلواي عنكـم

و إن كنت من أهلي قـريباً أخـــاف * أن تـروا من محب حالة البعد منكم

و إن كنت نـاء ٍ عنكم خلت أنـــني * أقصر عن نـهج العبيد لديكــــــــــــم



على كل حال ليس في الحب راحـة * أموت شهيداً و السـلام عـليكــــــــم

الإمام الحرّاق (1845- 1772م 1261- 1186هـ)
--------------------------------------------------------

 محمد الحراق شيخ وشاعر صوفي من فقهاء المغرب. وفاته بتطوان. له (ديوان العلمي) سلك في طريقة ابن الفارض، وفيه تواشيح وأزجال، و (ديوان رسائل ومنظومات) في خزانة الرباط (275 د).. و (شرح الصلاة المشيشية) رسالة. ولتلميذه محمد ابن العربي الدلائى (المتوفى سنة 1285) كتاب (النور اللامع البراق في ترجمة محمد الحراق) في خزانة الرباط (960)..

يأتنس خاطري الحزين بذكرك

يأتـنـس خـاطــري الحــزين بــذكــرك
وبـــدون ذكــــرك لا يقـــر لــي قــرار أبـدا،
ومـــع ذكـــرك تـتـعـالــى صـيحـاتـي لـيـل نـهــار
وشــمـع حـبـك فـــوق وســــادتــي،
طــالــما لا تـتـجــرد فـي طـــريـــق عــــشـقــه
فــــلـن تــفـنــى عــــــــــن وجــــودك أبــــــــدا.
الــدنيا كــــلها قيد لــــــك أمــــــام أعــتابــــه
فتعلــــق بقيــــــد الإقبـــــــال حتــــــــى لا تـتـردى.



من الربعيات المترجمة للعارف بالله عبد الله الأنصار الهروي



الأدب الصوفي


 الأدب الصوفي عصارة تجربة وجدانية روحية تتوهج بعلاقة الإنسان بخالق الأكوان ومحبته الصافية لذاته تعالى وزهده في الغير. عبّر المتصوفة عن أحوالهم في قواليب من الشعر والنثر أثرت الأدب العربي عامة والأدب الصوفي خاصة، وبلغ الشعر الصوفي ذروته مع ابن عربي وابن الفارض في الشعر العربي، وجلال الدين الرومي في الشعر الفارسي.
كما أن الشعر الصوفي غني بالإستعارات والدلالات الغزلية... كتوظيف الشخوص مثل قيس وليلى وبثينة وغيرهم.
 يقول عمر ابن فارض المصري في تائيته الكبرى وكافيته التي يتغزل فيها بالذات الربانية مبديا تشوقه إلى الحضرة الربانية كاشفا عواطفه الصادقة ولهفته لرؤية الله :

ابــــق لي مقلـــة لعلــي يوما
قبل مـــوتي أرى بها من رآكـــا
أين مني مارمت؟ هيهات بل أيـــ
ن لعيـــني باللحـــظ لثم ثراكا
وبشيري لو جاء منك بعطـــــــف
ووجودي في قبضتي قلت هاكــــــا
قد كفى ماجرى دما من جفــــون
لي قرحي! فهل جرى ما كـفاكـــا
فانا من قلاك فيــــــك معنــى
قبل أن يعرف الهـــوى يهــواكا
بانكساري بذلتي بـخضوعـــــــي
بافتقـاري بفـاقــتي لغنــاكـا
لاتكلــــني إلى قوى جلد خـــــا
ن ، فإني أصبحـت من ضعـفاكــا
كنت تجفو وكان لي بعض صبــــــر
أحسن الله في اصطباري عزاكــــا!
كم صدود عساك ترحم شكــــــوا
ي، ولو باستماع قولــي عساكا!
شنّع المرجفون عنك بـهجــــــري
وأشاعــوا أني سلـوت هــــواك
ما بأحشائهم عشقت، فأسلـــــو
عنـــــك يوما. دع يهجر حاشاك
كيف أسلو ؟ ومقلتي كلـــــما لا
ح بريـــــق تلفتت للـــقـاكا
كل من في حماك يهواك لكـــــــن
أننـــا بكــل مـــن في حماكــا

 

Join me on Facebook Follow me on Twitter Email me Email me Email me Email me

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة